للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر تلبيس إبليس على عباد الأصنام]

كل محنة لبس بها إبليس على الناس فسببها الميل إلى الحس والإعراض عن مقتضى العقل، ولما كان الحس يأنس بالمثل دعا إبليس خلقًا كثيرًا إلى عبادة الصور، وأبطل عند هؤلاء عمل العقل بمرة:

° فمنهم: من حسَّن له أنها الآلهة وحدها.

° ومنهم: من وجد فيه قليل فطنة فعلم أنه لا يوافقه إلى هذا؛ فزين له أن عبادة هذه تقرب على الخالق، فقالوا: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ [الزمر: ٣].

[ذكر بداية تلبيسه على عباد الأصنام]

أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الحافظ، قال: أنا أبو الحسين بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، قال: أنبأنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبد الله الجوهري، قال: نا أبو علي الحسن بن عليل العنزي، قال: نا أبو الحسن علي بن الصباح بن الفرات، قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي، قال: أخبرني أبي، قال: أول ما عُبِدت الأصنام أن آدم لما مات جعله بنو شيث بن آدم في مغارة في الجبل الذي أهبط عليه آدم بأرض الهند، ويقال للجبل (بوذ)، وهو أخصب جبل في الأرض (١).

قال هشام: فأخبرني أبي، عن أبي صالح عن ابن عباس قال: فكان بنو شيث يأتون جسد آدم في المغارة فيعظمونه ويترحمون عليه، فقال رجل من بني قابيل: يا


(١) أخرجه هشام بن محمد بن السائب الكلبي في كتاب الأصنام (ص ٥٠) عن أبيه بلفظه، وأخرج ابن سعد في طبقاته (١/ ٤٠)، ومن طريقه ابن جرير في تاريخه (١/ ١٢١ - ١٢٢).
قال ابن جرير بعد أن أورد جملة من جملة من الأخبار في موضع هبوط آدم من الأرض: وهذا مما لا يوصل إلى علم صحته إلا بخبر يجيء مجيء الحجة، ولا يعلم خبر في ذلك ورد كذلك، غير ما ورد من خبر هبوط آدم بأرض الهند، فإن ذلك مما لا يدفع صحته علماء الإسلام وأهل التوراة والإنجيل.

<<  <   >  >>