للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلماء يقوِّي سلطانَ الجهل، وفراق الوالد أو الوالدة في مثل هذا عقوق، والعقوق من الكبائر!

وأما من يُسْمَعُ عنه أنه خرج إلى جبل فأحوالهم تحتمل أنهم لم يكن لهم عيال ولا والد ولا والدة، فخرجوا إلى مكان يتعبدون فيه مجتمعين، ومتى لم يحتمل حالهم وجهًا صحيحًا فهم على الخطأ من كانوا! وقد قال بعض السلف: خرجنا إلى جبل نتعبد فجاءنا سفيان الثوري فردَّنا (١).

[فصل]

ومن تلبيسه على الزهاد: إعراضهم عن العلم شغلًا بالزهد، فقد استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وبيان ذلك: أن الزاهد لا يتعدَّى نفعه عتبة بابه، والعالم نفعه متعدٍّ، وكم قد رُدَّ إلى الصَّواب مِنْ مُتَعَدٍّ.

[فصل]

ومن تلبيسه عليهم: أنه يوهمهم أن الزهد ترك المباحات، فمنهم من لا يزيد على خبز الشعير، ومنهم من لا يذوق الفاكهة، ومنهم من يقلل المطعم حتى يبس بدنه، ويعذب نفسه بلبس الصوف، ويمنعها الماء البارد، وما هذه طريقة الرسول ، ولا طريق أصحابه وأتباعهم، وإنما كانوا يجوعون إذا لم يجدوا، فإذا وجدوا أكلوا، وقد كان رسول الله يأكل اللحم ويحبه (٢)، ويأكل الدجاج (٣)، ويحب


(١) ذكره السيوطي في الأمر بالاتباع (ص ٢٢٦).
(٢) أخرجه الترمذي في الشمائل المحمدية (١/ ٩٢ رقم ١٨٠)، قال العراقي في تخريج أحاديث إحياء علوم الدين (٢/ ٣٧١): إسناده صحيح.
(٣) أخرجه البخاري (٩/ ٦٤٥ رقم ٥٥١٧، ٥٥١٨)، ومسلم (٣/ ١٢٧٠ رقم ١٦٤٩)، والترمذي (٤/ ٢٣٩ رقم ١٨٢٦، ١٨٢٧)، والنسائي (٧/ ٢٠٦)، وأحمد (٤/ ٣٩٤، ٣٩٧، ٤٠١)، واللفظ =

<<  <   >  >>