للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° ومنهم: من يظهر الفقر مع جمعه للمال، وأكثر هؤلاء يضيقون على الفقراء بأخذهم الزكاة ولا يجوز لهم ذلك.

وقد كان أبو الحسن البسطامي شيخ رباط ابن المحلبان يلبس الصوف صيفًا وشتاءً، ويقصده الناس يتبركون به، فمات فخلّف أربعة آلاف دينار، وهذا فوق القبيح! وقد صح عن النبي أن رجلًا من أهل الصُّفة مات فخلف دينارين فقال رسول الله: "كيَّتان" (١).

[ذكر تلبيس إبليس على الصوفية في لباسهم]

قال المصنف: لما سمع أوائل القوم أن النبي كان يرقع ثوبه (٢)، وأنه قال لعائشة : "لا ترفعي ثوبًا حتى ترقعيه" (٣)، وأن عمر بن الخطاب كان في ثوبه رقاع (٤)، وأن أويسًا القرني كان يلتقط الرِّقاع من المزابل، فيغسلها في الفرات، ثم يُخيطها فيلبسها (٥)؛ اختاروا المرقعات.

ولقد أبعدوا في القياس! فإن رسول الله وأصحابه كانوا يؤثرون البذاذة (٦)، ويعرضون عن زينة الدنيا زهدًا، فكان أكثرهم يفعل هذا لأجل الفقر، كما روينا عن


(١) تقدم تخريجه (ص ٤٥٥).
(٢) روى البخاري في الأدب المفرد (ص ١٩٠ رقم ٥٤٠)، وأحمد في مسنده (٦/ ١٠٦)، من حديث عائشة : " .. ويرقع الثوب ويخيط". قال العراقي في تخريج الإحياء (٢/ ٣٦٠): رجاله رجال الصحيح.
(٣) أخرجه الترمذي (٤/ ٢١٥ رقم ١٧٨٠)، وابن الجوزي في الموضوعات (٣/ ١٣٩ - ١٤٠)، والحاكم في المستدرك (٤/ ٣١٢)، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث صالح بن حسان.
وقال الحاكم: صحيح. وتعقبه الذهبي بقوله: فيه سعيد بن محمد الوراق، وهو عدم. وقال ابن الجوزي: لا يصح.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٩١٨ رقم ١٩)، وابن المبارك في الزهد (ص ٢٠٨)، وأبو داود في الزهد (ص ٧٤ رقم ٥٨).
(٥) ذكره أبو طالب المكّي في قوت القلوب (١/ ٥٣٠ - ٥٣١)، والمؤلّف في كتابه التبصرة (ص ٢١٠).
(٦) البذاذة: الرثاثة في الهيئة. الغريب لأبي عبيد (٤/ ١٤٨)، النهاية (بذذ).

<<  <   >  >>