للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بن ثابت، عن خطَّابِ بن القاسمِ، عن أبي عُثمان، قال: كان عيسى يصلِّي على رأسِ جبلٍ، فأتاهُ إبلَيس فقال: أنتَ الذي تزعُمُ أن كلَّ شَيءٍ بقضاءٍ وقَدَرٍ؟ قال: نعم. قال: فألقِ نفسَك من الجبلِ، وقُل: قدِّر عليَّ. فقال: يا لَعين، اللهُ يَختبِر العبادَ، وليس العبادُ يختبرونَ الله (١).

[فصل]

وفي مَعنى ما ذكَرنا مِن تلبيسهِ علَيهِم في تركِ الأسبابِ أنَّه قد لبَّسَ على خلقٍ كثيرٍ منهم بأنَّ التوكُّلَ يُنافِي الكسبَ:

• فأخبرنا محمدُ بن أبي القاسمِ، قال: نا حمدُ بنُ أحمد، قال: نا أبو نُعيمٍ أحمد بن عبدِ الله، قال: سمعتُ أبا الحسنِ بن مقسمٍ، يقول: سمعتُ محمدَ بنَ المنذرِ، يقول: سمعتُ سهلَ بن عبدِ الله التُّسْتَرِي، يقول: من طعنَ في التوكُّل فقد طعنَ في الإيمانِ، ومن طَعنَ على الكَسبِ فقد طعنَ على السُّنَّة (٢).

• أخبرنا محمدُ بن ناصر، قال: نا أحمدُ بن عليِّ بن خَلَفٍ، قال: نا أبو عبدِ الرحمن السُّلَمِي، قال: سمعتُ محمدَ بن عبدِ الله الرَّازِي يقول: سألَ رجلٌ أبا عبدِ الله بن سالمٍ وأنا أسمع: أنحنُ مُتَعَبِّدونَ بالكَسبِ أم بالتوكُّل؟ فقال: التوكُّل حالُ رسولِ اللهِ ، والكسبُ سنَّهُ رسولِ الله ، وإنما سنَّ الكسبَ لمن ضَعُف عن التوكُّلِ وسقطَ


(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان ص ٧٧ والأثر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ١١/ ١١٣ وفي تفسيره ٢/ ٣٣٨ وأخرجه الإمام أحمد في الزهد ص ٢٥٠.
(٢) أخرجه أبو نعيم في الحلية ١٠/ ١٩٥ ومن طريقه المؤلف وأخرجه البيهقي في الشعب ٢/ ١٠٣ وابن رجب في جامع العلوم والحكم ١/ ٤٣٧ وابن القيم في المدارج ٢/ ١١٦. وكأن إيراد المؤلف لهذا الأثر عن سهل بن عبد الله في هذا الموضع والموضع المتقدم ص ٦٤٨ على وجه الانتقاد له وهذا غير ظاهر؛ بل كلامه موافق للحق وما عليه سلف الأمة ولقد أورده الأئمة على وجه الاستشهاد به لما عليه السلف في التوكل. انظر ما تقدم من الإحالة على جامع العلوم والحكم ومدارج السالكين.

<<  <   >  >>