للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإخلاص عمل القلب فما بال المطعم؟! ثم ما الذي حسّن أكل الفاكهة ومنع الخبز؟! وهل هذا كله إلا جهل!

وقد أنبأنا عبد المنعم بن عبد الكريم القشيري، قال: نا أبي، قال: حجج الصوفية أظهر من حجج كل أحد، وقواعد مذهبهم أقوى من قواعد كل مذهب؛ لأن الناس: إما أصحاب نقل وأثر، وإما أرباب عقل وفكر؛ وشيوخ هذه الطائفة ارتقوا عن هذه الجملة، فالذي للناس غيب فلهم ظهور، فهم أهل الوصال، والناس أهل الاستدلال، فينبغي لمريدهم أن يقطع العلائق، وأولها الخروج من المال، ثم الخروج من الجاه، وأن لا ينام إلا غلبة، وأن يقلل غذاءه بالتدريج (١).

قال المصنف: قلت: من له أدنى فهم يعرف أن هذا الكلام تخليط؛ لأن من خرج عن النقل والعقل فليس بمعدودٍ في الناس، وهل أحد من الخلق إلا وهو مستدل، وذكر الوصال حديث فارغ، فنسأل الله العصمة من تخليط المريدين والأشياخ!

[فصل في ذكر أحاديث تبين خطأهم في أفعالهم]

° أخبرنا يحيى بن علي المدير، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط، قال: نا الحسن بن الحسين بن حمكان، قال: نا عبدان بن يزيد العطار. وأخبرنا محمد بن أبي منصور، قال: أنبأنا الحسن بن أحمد الفقيه، قال: نا محمد بن أحمد الحافظ، قال: نا أبو عبد الله محمد بن عيسى البُرُوجِرْدي، قال: نا عمير بن مرداس، قال: نا محمد بن بكير الحضرمي، قال: حدثنا القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري، عن عبيد الله بن عمر، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب قال: "جاء عثمان بن مظعون إلى النبي فقال: يا رسول الله، غلبني حديث النفس، فلم أحب أن أحدِّث شيئًا حتى أذكر لك ذلك. فقال رسول الله: وما تحدثك نفسك يا عثمان؟


(١) لم أقف عليه عن القشيري في رسالته، ولعله في كتاب آخر له.

<<  <   >  >>