للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن جملة ما لبس عليهم إبليس أنهم قالوا: لو شاء الله ما أشركنا. أي: لو لم يرض شركنا حال بيننا وبينه، فتعلقوا بالمشيئة وتركوا الأمر، ومشيئة الله تعم الكائنات وأمره لا يعم مراداته، فليس لأحد أن يتعلق بالمشيئة بعد ورود الأمر (١)، ومذاهبهم السخيفة التي ابتدعوها كثيرة لا يصلح تضييع الزمان بذكرها، ولا هي مما يحتاج إلى تكلف ردها!

[ذكر تلبيس إبليس على جاحدى النبوات]

قال المصنف: قد لبس إبليس على البراهمة (٢) والهند وغيرهم، فزين لهم جحد النبوات (٣)؛ ليسد طريق ما يصل من الإله!


(١) هذه هي مسألة الاحتجاج بالقدر التي سوّلها إبليس لذوي النفوس المريضة، الذين انحرفوا عن منهج الله، وقصّروا في حق الله تعالى عليهم، فظنوا أن في القدر مجالًا للاحتجاج به على كفرهم وفسادهم وتقصيرهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : (ليس لأحدٍ أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين، وسائر أهل الملل، وسائر العقلاء، فإن هذا لو كان مقبولًا لأمكن كل أحدٍ أن يفعل ما يخطر له، من قتل النفوس وأخذ الأموال وسائر أنواع الفساد في الأرض، ويحتج بالقدر. ونفس المحتج بالقدر إذا اعتُدي عليه واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه، بل يتناقض، وتناقض القول يدل على فساده. فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في [بدائه] العقول). مجموع الفتاوى (٨/ ١٧٩)، وفيه: "بداية". ولعل الصواب ما أثبت. وانظر: القضاء والقدر، للدكتور المحمود (٢٧١ - ٢٩٠).
(٢) اختلف بعض كُتاب المقالات في نسبة البراهمة: فبعضهم نسبهم إلى "برهمي"، أو "برهمن" أو "براهم" على أساس أنه ملك من كبار ملوكهم، أو أنه رجل منهم، وزعم بعضهم أنه آدم وأنه رسول الله إلى الهند. وبعضهم قال بأنهم ينتسبون لإله اسمه: "براهما"، وقد خطّأ الشهرستاني من يظن أن نسبتهم إنما هي لإبراهيم النبي . و"براهما" عند بعض المعاصرين -أمثال د. شلبي- هو القوة العظيمة السحرية الكامنة، التي تطلب كثيرًا من العبادات، و"البراهمة" هو علم على رجال الدين الذين كان يعتقد أنهم يتصلون في طبائعهم بالعنصر الإلهي.
انظر: الفصل لابن حزم (١/ ١٣٧)، الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٦٠٢)، مروج الذهب للمسعودي (١/ ٧٦، ٧٨، ٧٩)، إغاثة اللهفان لابن القيم (٢/ ٣١٥)، التمهيد لقواعد التوحيد للامشي (ص ٤٥)، مقارنة الأديان، د. أحمد شلبي (٤/ ٤٣)، ابن حزم ومنهجه في دراسة الأديان، د. حماية (٢٢٥).
(٣) إنكار النبوات مما اشتهر به مذهب البراهمة -خاصة-، وهذا مما تكاد تجمع عليه المصادر، ولهم في ذلك =

<<  <   >  >>