للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلمة بن عبد الملك أنه دخل على عمر بن عبد العزيز وعليه قميص وسخ، فقال لامرأته فاطمة: اغسلي قميص أمير المؤمنين! فقالت: والله ما له قميص غيره (١). فأما إذا لم يكن هذا للفقر، وقصد البذاذة فما له معنى!

[فصل]

فأما صوفية زماننا فإنهم يعمدون إلى ثوبين أو ثلاثة، كل واحد منها على لون، فيجعلونها خرقًا ويلفقونها، فيجمع ذلك الثوب وصفين: الشهوة والشهرة، فإن لبس مثل هذه المرقعات أشهى عند خلق كثير من الديباج، وبها يشتهر صاحبها أنه من الزهاد، أفتراهم يصيرون بصورة الرقاع كالسلف؟ كذا قد ظنوا! فإن إبليس قد لبَّس عليهم وقال: أنتم صوفية؛ لأن الصوفية كانوا يلبسون المرقعات وأنتم كذلك (٢). أتراهم ما علموا أن التصوف معنى لا صورة (٣)؟! وهؤلاء قد فاتتهم النسبة في الصورة والمعنى:

° أما الصورة فإن القدماء كانوا يرقعون ضرورةً، ولا يقصدون التحسن بالرقع.

° وأما المعنى فإن أولئك كانوا أصحاب رياضة وزهد.

[فصل]

ومن هؤلاء المذمومين: من يلبس الصوف تحت الثياب ويلوح بكمه حتى يرى لباسه، وهذا لص ليلي!

ومنهم: من يلبس الثياب اللينة على جسده، ثم يلبس الصوف فوقها وهذا نهاري مكشوف.


(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٥/ ٢٥٨)، وابن الجوزي في مناقب عمر بن عبد العزيز (ص ١٨٢).
(٢) انظر: آداب المريدين للسهروردي (ص ٢٧).
(٣) أي: تصوّف الأوائل، الذي كان زهدًا في الدنيا وإقبالًا على الآخرة، بالعبادة وأعمال القلوب، لا مجرّد لباس متميز، ولقب مدّعى.

<<  <   >  >>