للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ذلك لتعليمنا وإعلامنا أن الماء على أصل الطهارة، وتوضأ من غدير كأن ماءه نقاعة الحناء.

فأما قوله: "تنزهوا من البول" (١): فإن للتنزه حدًّا معلومًا، وهو أن لا يغفل عن محل قد أصابه حتى يتبعه الماء، فأما الاستنثار فإنه إذا علق نما وانقطع الوقت بما لا يقضي بمثله الشرع.

قال المصنف: قلت: وقد كان أسود بن سالم وهو من كبار الصالحين يستعمل ماءً كثيرًا في وضوئه، ثم ترك ذلك، فسأله رجل عن سبب تركه؟ فقال: نمت ليلة فإذا هاتف يهتف بي: يا أسود ما هذا؟! يحيى بن سعيد الأنصاري، حدثنا عن سعيد بن المسيب قال: إذا جاوز الوضوء ثلاثًا لم يرفع إلى السماء. قال: قلتُ: لا أعود لا أعود. فأنا اليوم يكفيني كف من ماء (٢).

[ذكر تلبيسه عليهم في الأذان]

من ذلك التلحين في الأذان، وقد كرهه مالك بن أنس وغيره من العلماء (٣) كراهية شديدة؛ لأنه يخرجه عن موضوع التعظيم إلى مشابهة الغناء.


(١) أخرجه البزار كما في زوائده لابن حجر (١/ ١٥٣ رقم ١٤٦)، والطبراني في الكبير (١١/ ٨٤ رقم ١١١٢٠)، قال البزار: رُوي نحوه عن جماعة من الصحابة مرفوعًا بألفاظ مختلفة. وقال الهيثمي في المجمع (١/ ٢١٢): رواه البزار والطبراني في الكبير، وفيه أبو يحيى القتات، وثَّقه يحيى بن معين في رواية، وضعّفه الباقون. قلت: تابعه العوام بن حوشب عن مجاهد به. أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٧٩ رقم ١١١٠٤).
(٢) أخرجه الخطيب في تاريخه (٧/ ٣٦)، ومن طريقه ابن الجوزي في المنتظم (١٠/ ٢٥٣) مطولًا.
(٣) انظر: المدونة الكبرى (١/ ١٥٨)، ومواهب الجليل للحطاب (١/ ٤٣٧ - ٤٣٨)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٤٧ - ٤٨)، وشرح منتهى الإرادات للبهوتي (١/ ١٣٠)، والمجموع للنووي (ط. دار الإرشاد) (٣/ ١١٨).

<<  <   >  >>