للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الرياء فلا عذر فيه لأحد، ولا يصلح أن يجعل طريقًا لدعاية الناس، وقد كان أيوب السختياني إذا تحدث فَرِقَ ومسح وجهه وقال: ما أشد الزكام (١)!

وبعد هذا، فالأعمال بالنيات، والناقد بصير، وكم من ساكت عن غيبة المسلمين إذا اغتيبوا عنده فرح قلبه، وهو آثم بذلك من ثلاثة أوجه:

° أحدها: الفرح، فإنه حصل بوجود هذه المعصية من المغتاب.

° والثاني: لسروره بثلب المسلم.

° والثالث: إذا لم ينكر.

[فصل]

وقد يلبس إبليس على الكاملين في العلوم، فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم في تصانيف العلوم، ويريهم إبليس أن المقصود نشر الدين ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر، وعلو الصيت، والرياسة، وطلب الرحلة من الآفاق إلى المصنف.

وينكشف هذا التلبيس: بأنه لو انتفع بمصنفاته الناس من غير تردد إليه، أو قرئت على نظيره في العلم فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم، وقد قال بعض السلف (٢): ما من علم علمته إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إليَّ.

ومنهم من يفرح بكثرة الأتباع، ويلبس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم، وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر، وينكشف هذا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إلى غيره ممن هو أعلم منه ثقل ذلك عليه، وما هذه صفة


(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية بمعناه (٣/ ٦ - ٧).
(٢) يُروى مثل هذا عن الإمام الشافعي ، رواه ابن أبي حاتم في آداب الشافعي (ص ٩١)، وأبو نعيم في الحلية (٩/ ١١٨)، وابن حجر في توالي التأسيس (ص ٦٢).

<<  <   >  >>