للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جرى في هذا بينَ أَهلِ الكَرْخِ وأَهلِ بابِ البصرةِ على ممر (١) السنينَ مِن القتلِ وإِحراقِ المحالِّ ما يطولُ ذِكْرُهُ. وترى كثيرًا ممَّنَ يُخاصِمُ في هذا يَلْبَسُ الحريرَ، ويشربُ الخمرَ، ويقتلُ النفسَ، وأَبو بكرٍ وعليٌّ بريئانِ منهُم.

• وقد يُحِسُّ العاميُّ من نفسهِ نوعَ فهمٍ، فيُسَوِّلُ لهُ إِبليسُ مخاصمةَ ربِّهِ، فمنهُم مَن يقولُ: كيفَ قضى وعاقَبَ؟ ومنهُمْ مَن يقولُ: لِمَ ضيَّقَ رِزْقَ المُتَّقي وأَوْسَعَ على العاصي؟

• ومنهُم من يشكُرُ على النِّعَمِ، فإِذا جاءَ البلاءُ اعْتَرَضَ وكَفَرَ.

• ومنهُم من يقول: أي حكمة في هدم الأجسام بعد بنائها؟

• ومنهم من يستبعدُ البعثَ.

• ومنهُم مَن يَخْتَلُّ عليه مقصود، أَو يُبْتَلى ببلاءٍ فيكْفُرُ، ويقولُ: أَنا ما أُريدُ أُصَلِّي. وربما غَلَبَ فاجرٌ مؤمنًا، فقَتَلَهُ، أَو ضَرَبَهُ، فيقولُ العوامُّ: قد غَلَبَ الصليبُ، ولماذا نُصَلِّي إِذا كانَ الأمرُ كذا؟!

وكلُّ هذه الآفاتِ تمكَّنَ بها إِبليسُ؛ لِبُعْدِهِم عن العلمِ والعُلماءِ، فلو أَنَّهُم اسْتَفْهَموا أَهلَ العلمِ لأخبروهُم أَنَّ الله ﷿ حكيمٌ ومالكٌ، فلا يَبْقَى مع هذا اعتراضٌ.

[فصل]

• قال المصنف : ومن العوامِّ مَن يرضى عن عَقْلِ نفسِهِ، فلا يُبالي بمُخالَفَةِ العُلماءِ، فمتى خالَفَتْ فتواهُم غَرَضَهُ أَخذَ يردُّ عليهِم، ويقدَحُ فيهِم.

وقد كانَ ابنُ عقيلٍ يقولُ: قد عِشْتُ هذه السنينَ، فلو أَدْخَلْتُ يدي في صنعةِ صانعٍ لقالَ: أَفْسَدْتَها عليَّ. فلو قلتُ: أَنا رجلٌ عالمٌ لقالَ: باركَ الله لك في عِلْمِكَ،


(١) في (ت): مر.

<<  <   >  >>