للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو وأبوه على أنس بن مالك وهو يصلي صلاة خفيفة كأنها صلاة مسافر، فلما سلم قال: يرحمك الله، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة، أم شيء تنفلته؟ قال: إنها لصلاة رسول الله ما أخطأت إلا شيئًا سهوت عنه، إن رسول الله كان يقول: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: ٢٧] " (١).

وفي أفراد مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص قال: قلت: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها عليَّ؟ فقال رسول الله : "ذاك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسَسْتَهُ فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثًا"، ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني (٢).

[فصل]

وقد لبس إبليس على خلق كثير من جهلة المتعبدين، فرأوا أن العبادة هي القيام والقعود فحسب، فهم يدأبون في ذلك ويُخِلُّون ببعض واجباتها ولا يعلمون، ولقد تأملت على جماعة يسلِّمون إذا سلَّم الإمام وقد بقي عليهم من التشهد الواجب شيء، وذلك لا يحمله الإمام عنهم.

ولبَّس على آخرين منهم فهم يطيلون الصلاة ويكثرون القراءة، ويتركون المسنون في الصلاة، ويرتكبون المكروه فيها، ولقد دخلت على بعض المتعبدين، وهو


(١) أخرجه أبو داود (٥/ ٢٠٩، رقم ٤٩٠٤)، وأبو يعلى في "مسنده" (٦/ ٣٦٥، رقم ٣٦٩٤)، وأورده الهيثمي في "المجمع" (٦/ ٢٥٩)، وقال: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح، غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وهو ثقة.
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٧٢٨ رقم ٢٢٠٣)، وأحمد (٤/ ٢١٦).

<<  <   >  >>