للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[فصل]

ومن الموسوسين من إذا صحت له النية وكبر ذهل عن باقي صلاته، كأن المقصود من الصلاة التكبير فقط، وهذا تلبيس، يكشفه: أن التكبير يراد للدخول في العبادة، فكيف تهمل العبادة التي هي كالدار، ويقتصر على التشاغل بحفظ الباب (١)!

[فصل]

ومن الموسوسين من تصح له التكبيرة خلف الإمام وقد بقي من الركعة يسير، فيستفتح ويستعيذ، فيركع الإمام، وهذا تلبيس أيضًا؛ لأن الذي شرع فيه من الاستفتاح والتعوذ مسنون، والذي تركه من قراءة الفاتحة واجب، وهو لازم للمأموم عند جماعة من العلماء، فلا ينبغي أن يُقدِّم عليه سنة.

قال المصنف: وقد كنت أصلي وراء شيخنا أبي بكر الدينوري الفقيه في زمان الصبا، فرآني مرة أفعل هذا، فقال: يا بني إن الفقهاء قد اختلفوا في وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام، ولم يختلفوا أن الاستفتاح سنة؛ فاشتغل بالواجب ودع السنن (٢)!

[فصل]

وقد لبس إبليس على قوم فتركوا كثيرًا من السنن لواقعات وقعت لهم: فمنهم من كان يتأخر عن الصف الأول ويقول: إنما أراد قرب القلوب، ومنهم من لم يضع يدًا على يد في الصلاة وقال: أكره أن أظهر من الخشوع ما ليس في قلبي.

قال المصنف: وقد روينا هذين الفعلين عن بعض أكابر الصالحين.


(١) انظر: إحياء علوم الدين (٣/ ٤٠١).
(٢) ذكر القصّة ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (٣/ ١٩١)، نقلًا عن ابن الجوزي في التلبيس.

<<  <   >  >>