للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السدر (١) والأُشْنان (٢) في ورق المصحف أو توسدك له. فهجرني ولم يصغ إلى الحجة.

قال المصنف: وقد يسمع الزاهد القليل العلم من العوام شيئًا فيفتي به.

حدثني أبو حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه، أن رجلًا استفتاه فقال: ما تقول في امرأة طلقت ثلاثًا فولدت ذكرًا، هل تحل لزوجها. قال: فقلت: لا. وكان عندي الشريف الدحالي، وكان مشهورًا بالزهد عظيم القدر بين العوام. فقال لي: بلى تحل. فقلت: ما قال بهذا أحد. فقال: والله لقد أفتيت بهذا من هاهنا إلى البصرة (٣).

قال المصنف: قلت: فانظر ما يصنع الجهل بأهله ويضاف إليه حفظ الجاه! خوفًا أن يُرَى الزاهد بعين الجهل، وقد كان السلف ينكرون على الزاهد مع معرفته بكثير من العلم أن يفتي؛ لأنه لا يجمع شروط الفتوى، فكيف لو رأوا تخبيط المتزهدين اليوم في الفتاوى بالواقعات!

أنبأنا زاهر بن طاهر، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الكعبي، قال: حدثنا إسماعيل بن [قتيبة] (٤)، قال: دخلت على أحمد بن حنبل وقد قدم أحمد بن حرب من مكة، فقال لي أحمد: من هذا الخراساني الذي قدم؟ قلت: من زهده كذا وكذا، ومن ورعه كذا وكذا. فقال: لا ينبغي لمن يدعي ما يدعيه أن يدخل نفسه في الفتيا (٥).


(١) صرك السدر: أي جمعك له. والسدر: جمع سدرة، وهي شجرة النبق. مختار الصحاح، اللسان، المصباح المنير (صرر)، (سدر).
(٢) الأُشْنان: شجر ينبت في الأرض الرملية، يستعمل هو أو رماده في غسل الثياب والأيدي. المعجم الوسيط (ص ١٩).
(٣) ذكر هذه القصّة المؤلّف في كتابه صيد الخاطر (ص ١٧٩).
(٤) في جميع النسخ: (شيبة)، وهو تحريف، والتصويب من المنتظم وكتب الرجال.
(٥) أخرجه الخطيب في "تاريخه" (٤/ ١١٩)، ومن طريقه ابن الجوزي في "المنتظم" (١١/ ٢١٠).

<<  <   >  >>