للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ادعائهم كمال العقل!

وقد خالفهم أبو علي بن سينا (١) في هذا، فقال: بل يعلم نفسه، ويعلم الأشياء الكلية ولا يعلم الجزئيات (٢). وتلقت هذا المذهب منهم المعتزلة، وكأنهم استكثروا المعلومات!

فالحمد لله الذي جعلنا ممن ينفي عن الله سبحانه الجهل والنقص، ونؤمن بقوله: ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ﴾ [الملك: ١٤]، وقوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا﴾ [الأنعام: ٥٩].

وذهبوا إلى أن علم الله وقدرته هو ذاته (٣)؛ فرارًا من أن يثبتوا قديمين.

وجوابهم أن يقال: إنما هو قديم واحد موصوف بصفات (٤).


(١) قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية: (وابن سينا تكلم في أشياء من الإلهيات والنبوات والمعاد والشرائع لم يتكلم فيها سلفه، ولا وصلت إليها عقولهم، ولا بلغتها علومهم .. وكان هو وأهل بيته وأتباعهم معروفين عند المسلمين بالإلحاد، وأحسن ما يظهرون دين الرفض، وهم في الباطن يبطنون الكفر المحض). مجموع الفتاوى (٩/ ١٣٣).
(٢) قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وأرسطو ينكر علم الرب بشيء من الحوادث مطلقًا، ولكن ابن سينا وأمثاله زعموا أنه إنما يعلم الكليات، والجزئيات يعلمها على وجه كلي). درء تعارض العقل والنقل (٩/ ٣٨٩).
وانظر: النجاة لابن سينا (ص ٢٨٣ - ٢٨٦)، (ص ٤٥٤)، الإشارات والتنبيهات له أيضًا (٣/ ٢٩٥ - ٢٩٩)، تهافت الفلاسفة للغزالي (ص ١٦٤)، المعتبر لأبي البركات (٣/ ٨٢)، الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٤٤٦، ٥٢٦ - ٥٢٤)، شرح العقيدة الأصفهانية (ص ٧٣)، الرد على المنطقيين (ص ٤٧٤)، من أفلاطون إلى ابن سينا: د. جميل صليبيا (ص ٨٨ - ٨٩).
(٣) قال أبو الهذيل العلاف: إن علم الباري سبحانه هو هو. قال الأشعري: وهذا أخذه أبو الهذيل عن أرسطاطاليس. مقالات الإسلاميين (٢/ ١٧٨)، وانظر: (٢/ ١٧٨ - ١٨٠، ١٨٥ - ١٨٦)، درء التعارض (٩/ ٢٠٤).
(٤) لأن صفة الرب اللازمة له إذا كانت قديمة بقِدمه لم يلزم أن تكون إلهًا مثله، فليس يجب أن تكون صفة =

<<  <   >  >>