للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ذكر يحيى بن بشر النهاوندي أن قومًا قالوا: الكواكب السبعة -وهي: زحل، والمشتري، والمريخ، والشمس، والزهرة، وعطارد، والقمر- هي المدبرات لهذا العالم (١)، وهن يصدرن عن أمر الملأ الأعلى، ونصبوا لها الأصنام على صورتها (٢)، وقربوا لكل واحد منها ما يشبهه من الحيوان:

° فجعلوا لزحل صنمًا عظيمًا من الآنك أعمى، يُقَرَّب إليه بثَوْر مسن يؤتى به إلى بيت تحته محفور وفوقه الدرابزين من حديد على تلك الحفرة، فيضرب الثور حتى يدخل البيت ويمشي على ذلك الدرابزين من الحديد، فتغوص يداه ورجلاه هنالك، ثم توقد تحته النار حتى يحترق، ويقول المقرِّبون له: مقدس أنت أيها الإله الأعمى المطبوع على الشر الذي لا يفعل خيرا، قربنا لك ما يشبهك؛ فتقبل منا واكفنا شرك وشر أرواحك الخبيثة!

° ويقربون للمشتري صبيًّا طفلًا: وذلك أنهم يشترون جارية فتطأها السدنة للأصنام السبعة، فتحمل وتترك حتى تضع، ويأتون بها والصبي على يدها ابن ثمانية أيام فينخسونه بالمِسَال (٣) والإبر، وهو يبكي على يد أمه، ويقولون له: أيها الرب الخير الذي لا يعرف الشر، قد قرَّبنا لك من لم يعرف الشر يجانسك في الطبيعة، فتقبل قرباننا وارزقنا خيرك وخير أرواحك الخيرة!

° ويقربون للمريخ رجلا أشقر أنمش أبيض الرأس من الشقرة: يأتون به فيدخلونه في حوض عظيم، ويشدون قيوده إلى أوتاد في قعر الحوض، ويملؤون الحوض زيتًا حتى يبقى الرجل فيه قائما إلى حلقه، ويخلطون بالزيت الأدوية المقوية


(١) عزا الباقلاني في التمهيد (ص ٦٦) هذا المذهب للمنجمين، وعزاه القزويني في مفيد العلوم (ص ٩٢)، وابن الأنباري في الداعي إلى الإسلام (ص ٢٥٢) إلى بطليموس الفيلسوف.
(٢) هذا مذهب أصحاب الأشخاص الذي تقدم الحديث عنه.
(٣) المِسَال: جمع مسلة، وهي الإبرة العظيمة أو مخيط ضخم. القاموس المحيط (سلل)، اللسان (سلل).

<<  <   >  >>