للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنهم من يأخذ الصخور فَرَضَّ (١) بها جسده حتى يموت، والناس يقولون: طوبى لك!

وعندهم نهران فيخرج أقوام من عُبَّادهم يوم عيدهم، وهناك رجال فيأخذون ما على العباد من الثياب ويبطحونهم فيقطعونهم نصفين، ثم يلقون أحد النصفين في نهر، والنصف الآخر في نهر، ويزعمون أنهما يجريان إلى الجنة!

ومنهم من يخرج إلى براح ومعه جماعة يدعون له ويهنئونه بنيته، فإذا أصحر جلس وجُمِعَ له سباع الطير من كل جهة، فيتجرد من ثوبه ثم يمتد والناس ينظرون إليه فتبتدره الطير فتأكله، فإذا تفرقت الطير جاءت الجماعة وأخذوا عظامه وأحرقوها وتبركوا بها .. في أفعال طويلة قد ذكرها أبو محمد النُّوبَخْتي (٢) يضيع الزمان في كتابتها.

والعجب أن الهند تؤخذ عنهم الحكمة (٣)، ولهم دقائق الأعمال، فسبحان من أعمى قلوبهم حتى قادهم إبليس هذا المقاد!

قال: وفيهم من يزعم أن الجنة ثنتان وثلاثون مرتبة، وأن مكث أهل الجنة في أدنى مرتبة منها أربع مائة ألف وثلاثة وثلاثون ألفا وستمائة وعشرون سنة، وكل


(١) في "أ" و"ت": فيرض.
(٢) انظر: تفاصيل هذا الفصل في البدء والتاريخ للمطهر المقدسي (٤/ ١٦ - ١٨).
(٣) لما تحدث شيخ الإسلام عن حركة الترجمة للكتب اليونانية في حدود المائة الثانية، بيّن ما حصل من جراء ذلك من الفساد والاضطراب، ثم قال بعد ذلك:
(حتى صار ما مدح من الكتاب والسنة من مسمى الحكمة، يظن كثير من الناس أنه حكمة هذه الأمة أو نحوها من الأمم كالهند وغيرهم، ولم يعلموا أن اسم "الحكمة" مثل اسم "العلم" و"العقل" و"المعرفة" و"الدين" و"الحق" و"الباطل" و"الخير" و"الصدق" و"المحبة" ونحو ذلك من الأسماء التي اتفق بنو آدم على استحسان مسمياتها ومدحها، وإنما تنازعوا في تحقيق مناطها وتغيير مسمياتها، فإن كل أمة من أهل الكتب وغير أهل الكتب تسمى بهذه الأسماء ما هو عندها كذلك من القول والعمل، وإن كانت في كثير من ذلك أو أكثر إن تتبع إلا الظن وما تهوى الأنفس). بيان تلبيس الجهمية (١/ ٣٢٣).

<<  <   >  >>