للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأظهر هذا الأمر مَزْدَك في أيام قُبَاذ، وأباح النساء لكل من شاء (١)، ونكح نساء قُبَاذ لتقتدي به العامة؛ فيفعلوا بالنساء مثله، فلما بلغ إلى أم أنوشروان قال لقُبَاذ: أخرجها إلي، فإنك إن منعتني شهوتي لم يتم إيمانك، فهَمَّ بإخراجها فجعل أنوشروان يبكي بين يدي مَزْدَك ويقبل رجله بين يدي أبيه قُبَاذ ويسأله أن يهب له أمه، فقال قُبَاذ لمَزْدَك: ألست تزعم أن المؤمن لا ينبغي أن يرد عن شهوته؟ قال: بلى. قال: فلم ترد أنوشروان عن شهوته؟! قال: قد وهبتها له (٢). ثم أطلق للناس أكل الميتة، فلما ولى أنوشروان أفنى المَزْدَكية (٣) (٤).

قال: ومن أقوال المجوس: إن الأرض لا نهاية لها من أسفلها، وإن السماء خلقت من جلود الشياطين، والرعد إنما هو خرخرة العفاريت المحبوسة في الأفلاك، المأسورة في جرب حرث، والجبال من عظامهم، والبحور من أبوالهم ومائهم.

ونبع للمجوس رجل في زمان انتقال دولة بني أمية إلى بني العباس، فاستغوى خلقا، وجرت له قصص يطول الأمر بذكرها فهو آخر من ظهر للمجوس (٥).


(١) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٢٩٥)، اعتقادات الرازي (ص ١٤١ - ١٤٢)، الفهرست لابن النديم (ص ٤١٦).
(٢) انظر ملخصًا لهذه القصة عند الرازي في الاعتقادات (ص ١٤١ - ١٤٢).
(٣) خبر قضاء أنو شروان على "المَزْدَكية" انظره عند المسعودي في مروج الذهب (١/ ٢٦٣)، واليعقوبي في تاريخه (١/ ١٦٤)، وابن النديم في الفهرست (ص ٤١٦)، والشهرستاني في الملل (١/ ٢٩٤)، والرازي في الاعتقادات (ص ١٤٢).
(٤) انظر: المعارف لابن قتيبة (ص ٦٦٣)، تاريخ الأمم والملوك (٢/ ٨٩، ٩٩)، الكامل في التاريخ (١/ ٢٣٦، ٢٣٧).
(٥) ظهر في صدر الدولة العباسية رجل يقال له بهافريد من قرية يقال لها "روى من إبرشهر"، مجوسي، يصلي الصلوات الخمس بلا سجود، متياسر عن القبلة، وتكهن ودعا المجوس إلى مذهبه، فاستجاب له خلق كثير، فوجَّه إليه أبو مسلم الخراساني شبيب بن داح وعبد الله بن سعيد فقتلاه. الفهرست لابن النديم (ص ٤١٨)، الملل والنحل للشهرستاني (١/ ٢٨٤).

<<  <   >  >>