للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذكر أبو القاسم البَلْخِي: أن أرباب التناسخ لما رأوا ألم الأطفال والسباع والبهائم، استحال عندهم أن يكون ألمها يمتحن به غيرها أو ليتعوض أولا لمعنى أكثر من أنها مملوكة، فصحَّ عندهم أن ذلك لذنوب سلفت منها قبل تلك الحال (١).

وذكر يحيى بن بشر بن عمير النهاوندي أن الهند (٢) يقولون: الطبائع أربع: هيولى مركبة، ونفس، وعقل، وهيولى مرسلة.

فالمركبة هي الرب الأصغر، والنفس هي الهيولى الأصغر، والعقل الرب الأكابر، والهيولى هو أيضا أكبر.

وأن الأنفس إذا فارقت الدنيا صارت إلى الرب الأصغر وهو الهيولى المركب، فإن كانت محسنة صافية قبلها في طبعه، فصفاها حتى يخرجها إلى الهيولى الأصغر وهو النفس، ثم يصفي ذلك الروح بمجاورة النفس، حتى تصير إلى الرب الأكبر، فيخلصه إلى الهيولى الأكبر.

فإن كان محسنا تام الإحسان أقام عنده في العالم البسيط، وإن كان محسنا غير تام أعاده إلى الرب الأكبر، ثم يعيده الرب الأكبر إلى الهيولى الأصغر، ثم يعيده الهيولى


(١) جاء في كتاب "منو سمرتي" أو "شرع منو" -وهو كتاب يشرح أحكام الديانة الهندوكية وعباداتها شرحًا تامًا- في الباب الثاني عشر، المتعلق بالتناسخ، ما يلي:
- الفقرة ٩: يغدو المرءُ، جزاء أعماله السيئة، التي ارتكبها بجسمه، في خلقته الثانية، جمادًا. والتي ارتكبها بلسانه طيرًا أو حيوانًا، وينحط إلى الفِرق السافلة نتيجة ارتكابه أعمالًا سيئة بعقله.
- الفقرة ٧٤: إن الحمقى الذين يكرّرون ارتكاب الآثام يقاسون أنواع العذاب في خلق متعددة.
- الفقرة ٧٧: ويخلقون في أرحام محتقرة تسبب لهم التعاسة الدائمة، والتأثر بالقرّ والحرّ، ويصابون بأنواع المخاوف. شرع منو: (ص ٤٠٧، ٤١٥)، ترجمة د. إحسان حقّي. وقارن مع تحقيق ما للهند (٤٥ - ٤٦).
ويجعلون ما يُصيبهم من بلايا ومحن في الدنيا أنه (جزاء ما كسبناه في الدار الأولى قبل هذه الأبدان).
تحقيق ما للهند للبيروني (٤١).
(٢) قال البيروني: (التناسخ علم النحلة الهندية، فمن لم ينتحله لم يك منها ولم يعدّ من جملتها). تحقيق ما للهند (٣٨).

<<  <   >  >>