للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - كما أجاد في تحرير مسألة رؤية الله ﷿ يوم القيامة بالأبصار، ومما قاله بهذا الخصوص:

- "رؤية الله ﷿ حقٌّ لا شكَّ فيه. والأحاديث فيها صحاح" (١).

- وفي تفسير قوله تعالى لموسى : ﴿لَنْ تَرَانِي﴾ [الأعراف: ١٤٣] قال: "تعلّق بها نفاة الرؤية وقالوا: ﴿لَنْ﴾ لنفي الأبد، وذلك غلط؛ لأنها قد وردت وليس المراد بها الأبد في قوله: ﴿وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ [البقرة: ٩٥] ثم أخبر عنهم بتمنّيه في النار بقوله: ﴿يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ﴾ [الزخرف: ٧٧]. وفي هذه الآية دلالة على جواز الرؤية؛ لأن موسى مع علمه بالله تعالى سألها، ولو كانت مما يستحيل لما جاز لموسى أن يسألها، ولا يجوز أن يجهل موسى مثل ذلك؛ لأن معرفة الأنبياء بالله ليس فيها نقص، ولأن الله تعالى لم ينكر عليه المسألة، وإنما منعه من الرؤية، ولو استحالت عليه لقال: (لا أُرى)، ألا ترى أن نوحًا لما قال: ﴿إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ [هود: ٤٥] أنكر عليه بقوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ [هود: ٤٦]. ومما يدلّ على جواز الرؤية أنه علّقها باستقرار الجبل، وذلك جائز غير مستحيل، فدلّ على أنها جائزة، ألا ترى أن دخول الكفار الجنة لما استحال علّقه بمستحيل، فقال: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: ٤٠] " (٢).

٣ - وفي مناقشته للمعتزلة في تفسيرهم لصفة "اليد" في قوله تعالى: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] بأنها القدرة، قال: "وقول المعتزلة: إن المرد باليد القدرة، باطل؛ لأنّه يؤدي إلى أن تكون للحق سبحانه قدرتان، فإنه قال بيديه.


(١) المصدر السابق (٨/ ٤٢٢ - ٤٢٣). وانظر: (٣/ ٩٨ - ٩٩) من المصدر نفسه.
(٢) زاد المسير (٣/ ٢٥٦).

<<  <   >  >>