للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

° ومن ذلك أن جماعة من القراء أحدثوا قراءة الألحان، وقد كانت إلى حد قريب، وعلى ذلك فقد كرهها أحمد بن حنبل (١) وغيره، ولم يكرهها الشافعي (٢).

وأنبأنا محمد بن ناصر، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أبي سعد الهمذاني، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن لال، قال: نا الفضل بن الفضل، قال: نا الساجي، قال: حدثنا الربيع بن سليمان، قال: قال الشافعي: أما استماع الحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به، ولا بأس بقراءة الألحان وتحسين الصوت (٣).

قال المصنف: قلت: وإنما أشار الشافعي إلى ما كان في زمانه وكانوا يلحنون يسيرًا، وأما اليوم فقد صيروا ذلك على قانون الأغاني، وكلما قرب ذلك من مشابهة الغناء زادت كراهته، فإن أخرج القرآن عن حد وضعه حرم ذلك.

° ومن ذلك أن قومًا من القراء يتسامحون بشيء من الخطايا كالغيبة للنظراء، وربما أتوا أكبر من ذلك الذنب واعتقدوا أن حفظ القرآن يدفع عنهم العذاب، واحتجوا بقوله : "لو جعل القرآن في إهاب ما احترق" (٤).


(١) روى الخلّال في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص ١٥٣ رقم ١٩٤) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي وقد سُئل عن القراءة بالألحان فقال: محدث، إلا أن يكون من طباع الرّجل. وروى أيضًا (ص ١٥٤ رقم ١٩٧) من طريق الفضل قال: سمعت أبا عبد الله سُئل عن الألحان، فكرهه وقال: يحسّنه بصوته من غير تكلّف. وقد روى الكراهة عن الإمام أحمد غير واحد من تلامذته، كما في طبقات الحنابلة (١/ ٦٧، ١٨٣، ٢٢٥، ٣٩٦). وانظر: المغني لابن قدامة (٢/ ٦١٣).
(٢) انظر: روضة الطالبين (١١/ ٢٢٧)، شرح النووي (٦/ ٨٠)، فتح الباري (٩/ ٧٢).
(٣) هو عند الشافعي في "الأم" (٦/ ٢٠٩) شطره الأول، وأما الشطر الثاني فذكره عن الشافعي ابن الجوزي في كتابه "القصاص والمذكرين" (ص ٣٣٥)، وانظر هامش (ص ٣٢١).
(٤) أخرجه أحمد في المسند (٤/ ١٥١، ١٥٥)، والدارمي (٢/ ٢٩١ رقم ٣٣٠٥)، وأبو يعلى في مسنده (٣/ ٢٨٤ رقم ١٧٤٥)، من طريق ابن لهيعة عن مشرح عن عقبة بن عامر به، قال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٦١): فيه ابن لهيعة، وفيه اختلاف. وله شاهد من حديث عصمة بن مالك يرفعه، أخرجه الطبراني في الكبير (١٧/ ١٨٦ رقم ٤٩٨)، قال الهيثمي في المجمع (٧/ ١٦١): فيه الفضل بن المختار، وهو ضعيف.

<<  <   >  >>