للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• والرابع: أنهم يستعملون من لا يصلح، ممن لا علم عنده ولا تقوى، فيستجلب الدعاء عليهم بظلمه للناس، ويطعمهم الحرام بالبيوع الفاسدة، ويحد من لا يجب عليه الحد، ويظنون أنهم يتخلصون من الله تعالى بما جعلوه في عنق الوالي، هيهات! إن العامل على الزكاة إذا وكَّل الفساقَ بتفريقها فخانوا؛ ضمن.

• والخامس: أنه يحسِّن لهم العمل برأيهم؛ فيقطعون من لا يجوز قطعه، ويقتلون من لا يحل قتله، ويوهمهم أن هذه سياسة، وتحت هذا من المعنى أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تمام، ونحن نتمها بآرائنا (١).

وهذا من أقبح التلبيس! لأن الشريعة سياسة إلهية، ومحال أن يقع في سياسة الإله خلل يحتاج معه إلى سياسة الخلق، قال الله ﷿: ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٣٨]. وقال: ﴿لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ﴾ [الرعد: ٤١]، فمدعي السياسة مدعٍ للخلل في الشريعة، وهذا يزاحم الكفر.

وقد روينا (٢) عن عضد الدولة أنه كان يميل إلى جارية فكانت تشغل قلبه، فأمر بتغريقها؛ لئلا تشغل قلبه عن تدبير الملك، وهذا هو الجنون المحض! لأن قتل مسلم بلا جرم لا يحل، واعتقاد أن هذا جائز كفر (٣)، فإن اعتقده غير جائز لكنه رآه مصلحة فلا مصلحة فيما يخالف الشرع.


= الطبقات (٧/ ٤٣٧)، والحاكم (٤/ ٩٣ - ٩٤)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢/ ٢٠٦ رقم ٦٢٩).
(١) انظر: المنتظم لابن الجوزي (١/ ١١٧).
(٢) المنتظم (١٤/ ٢٩٣).
(٣) قد نَقَلَ الإجماعَ على كفر من استحل ذلك وغيره من المحرمات الظاهرة المتواترة القاضي عياض في الشفا (٢/ ١٠٧٣) فقال: (أجمع المسلمون على تكفير كل من استحلّ القتل، أو شُرْبَ الخمر، أو الزنا مما حرَّم الله بعد علمه بتحريمه).

<<  <   >  >>