للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسارعةَ إليهِ، وأجدُ الوقوفَ والتباطؤ والتأَخُّرَ، آلَيْتُ لا اغتَسلتُ إلا في نهرٍ وآلَيْتُ لا اغتَسلتُ إلا في مُرقَعتي هذه وآلَيْتُ لا نزعتُها وآلَيْتُ لا عصرتُها، وآلَيْتُ لا جففتُها في شمسٍ، أو كما قال (١).

قال المصنِّفُ قلتُ: قد سبقَ في ذكرِ المرقعاتِ وصفُ هذه المرقعةِ التي لابن الكرنبي وأنَّه وزَنَ أحد كمَّيها فكان فيه أحدَ عشرَ رطلًا (٢)، وإنما ذَكر هذا للناسِ ليُبَيِّنَ أنهُ فعَلَ الحسنَ الجميل، وحكوه عنه لتَبْيين فضله وذلك جهلٌ محْضٌ؛ لأن هذا الرجلَ عصى الله بما فعلَ، وإنما يُعْجِبُ هذا الفعلُ العوامَّ الحمقى لا العلماء.

ولا يجوزُ لأحدٍ أن يُعاقبَ نفْسَه فقد جمعَ هذا المسكينُ لنفسِه فنونًا من التعذيبِ: إلقاؤها في الماءِ الباردِ، وكونُهُ في مرقَّعةٍ لا يُمْكنهُ الحركةُ فيها كما يريدُ ولعلَّهُ قد بقيَ من مَغَابِنِهِ ما لم يصِلْ إليهِ الماءُ لكثافةِ هذه المُرَقَّعةِ، وبقائِها عليه مبتَلَّةً شهرًا وذلك يمنعُهُ لذًّة النومِ وكُلُّ هذا الفعلِ خطأٌ وأثم.

• أخبرنا المحمدان: ابن ناصر، وابن عبد الباقي، قالا: أخبرنَا حمدُ بن أحمد، قالا: أنبأَنَا أحمدُ بن عبد الله الأصبهاني، قال: كانَت أمُّ عليٍ زوجةُ أحمد بن خضرويه قد أحلَّتْ زوجَهَا أحمد من صَدَاقِها على أن يزورَ بها أبا يزيد البسطامي فحمَلَها إليهِ فدخَلَتْ عليهِ وقَعَدَتْ بينَ يدَيْهِ مُسْفِرَةً عن وجهِهِا فلمَّا خَرَجَتْ قالَ لها أحمدُ: رأيتُ منكِ عجبًا، أسْفَرْتِ عن وجهِك بينَ يدي أبي يزيد. فقالتْ: لأني لمَّا نظرتُ إليه فقدتُ حظوظَ نفسي، وكُلَّمَا نظرتُ إليك رجعتْ إليَّ حظوظَ نفسي. فلمَّا أرادَ أحمدُ الخروجَ من عندِ أبي يزيد قال له: أوصني! قال: تعلم الفُتُوَّةَ من زوجتك (٣)!


(١) أخرجه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤/ ٤١٣.
(٢) ذكرها المؤلف في ذكر تلبيس إبليس عليهم في اللباس. وفي المحقق ٣/ ١١٣٩. وخبرها أخرجه الخطيب في تاريخه ١٤/ ٤١٣ والطوسي في اللمع ص ١٩٨.
(٣) أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء ١٠/ ٤٢ وذكره الذهبي في السير ١١/ ٤٨٨.

<<  <   >  >>