للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدَّجاجةِ المُخَلَّاةِ وسِبَاعِ الطَّيرِ وَسَوَاكِنِ البيوتِ: مكروهٌ

===

«السِّنَّوْرُ سَبُعٌ». وعيسى: مختلَفٌ فيه توثيقاً وتضعيفاً. وعلى كلِّ حالٍ فليس لمحلِّ الخلافِ حاجةٌ إلى هذا الحديث، إذْ ليس هو في النجاسة، لسقوطِها اتفاقاً بالطَّوَافِ المنصوصِ عليه، كسقوطِ الاستئذانِ عن المماليكِ، والذينَ لم يَبْلغوا الحُلُمَ عند دخولهم على مَوَالِيهم وأهلِيهم في غير الأوقاتِ الثلاثةِ المنصوصِ عليها في الآيةِ، المعلَّلة بأنهم {طَوَّافُون عليكم بعضُكم على بعض} (١) .

(والدَّجاجةِ) بفتح الدال، وتُثَلَّث (المُخَلاَّةِ) بتشديد اللام وهي: التي يَصِلُ منقارُها إلى النجاسة، يُكرَهُ سُؤْرُها، لأنها تُفَتِّشُ الأنجاسَ، فلا يخلو مِنقارُها من ذلك، إلاَّ أنه لم تُعلَم طهارتُه مِنْ نجاستِه، لكن لو توضَّأَ به جاز، لأنه تَيقَّنَ طهارتَه وشَكَّ في نجاسته والشَّكُّ لا يُعارِضُ اليقينَ، فَثَبتَت الكراهةُ للاحتمالِ، فلا يُكرَهُ لو حُبِسَتْ في قَفَصٍ وجُعِلَ عَلَفُها وماؤها ورأسُها خارجَه، بحيث لا يَصِلُ مِنقارُها إلى ما تحت قَدَمَيْها، لأنَّها رُبَّما تُفَتِّشُ نجاستَها.

وكذا كُرِهَ سُؤْرُ إبِلٍ، وبقرٍ، وغَنَمٍ جَلاَّلةٍ، وهي التي تأكلُ النجاسة، لكن إذا جُهِلَ حالُها، وأمَّا إذا عُلِمَ حالُ فَمِها طهارةً ونجاسةً فالسُّؤرُ كذلك. ولا يَحِلُّ أكلُ الدَّجاجةِ المُخلاَّةِ، والبقَرةِ الجلاَّلة إلا بحَبْسِ الأُولى ثلاثةَ أيام والثانيةِ عشرَةَ أيام.

(وسِبَاعِ الطَّيْرِ) كالصَّقْرِ، والبازِي (٢) ، والشاهينِ (٣) والحِدَأَةِ (٤) ، إلاَّ المحبوسَ الذي يَعلَمُ صاحِبُه أنه لا قَذَرَ على مِنقاره، رُويَ ذلك عن أبي يوسف، واستحسَنَه المشايخُ.

(وسَوَاكنِ البيوت) كالحيَّةِ والفأرةِ والوَزَغَة (٥) ، لأنَّ الضرورة التي وقعَتْ الإِشارةُ إليها في الهِرَّةِ موجودةٌ فيها، فإنَّها تَسْكُنُ البيوتَ ولا يُمِكنُ صَوْنُ الأواني منها، فلم يُحكَمْ في سُؤرِها بالنجاسة فَتَبْقَى الكراهة، وقيل: كراهَةُ سؤرِها لحُرمَةِ لحمها مع تعذُّرِ صَوْنِ الأواني عنها، والأوَّلُ يُشِيرُ إلى كراهةِ التنزيه، والثاني إلى القُرْبِ من التحريم، فقولهُ: (مكروهُ) يَحتمِلُهما (٦) . وحُكمُه أن يتوضَّأَ به ولا يَتيمَّم.


(١) سورة النور، آية: (٥٨).
(٢) البازي: ضَربٌ من الصقور. القاموس المحيط ص ٣٦٣٠، مادة (بزو).
(٣) الشاهين: طائر من جوارح الطير وسباعها. المعجم الوسيط ص ٤٩٩.
(٤) الحِدَأة: طائر يصيد الجرذان. المغرب في ترتيب المعرب ١/ ١٨٤. مادة (حدأ).
(٥) الوزغة: سام أبرص. المغرب في ترتيب المعرب ٢/ ٣٥٢. مادة (وزغ).
(٦) أي الكراهة التحريمية والكراهة التنزيهية. قال في "الدر المختار" ١/ ١٤٩ - ١٥٠: (وسواكن البيوت) =

<<  <  ج: ص:  >  >>