للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

غَمَسَ فيه صَغِيرٌ يدَهُ. وأصْلُهُ كراهَةُ غَمْسِ المستيقظِ يدَهُ في الإِناء قبلَ غَسْلِها. وفي «النوادر» عن أبي حنيفة في هِرَّةٍ أكلَتْ فأرةً ثم شَرِبَتْ لا يَتنجَّسُ الماءُ لأنها غَسَلَتْ فَمَها بلُعَابِها، ولُعابُها طاهرٌ، وهو قولُ أبي يوسف، وهو مؤيَّدٌ بأحاديثَ:

منها: ما رواه هو (١) عن عبدِ رَبِّه، عن سعيد المَقْبُري، عن أبِيه، عن عُروَة بن الزُّبَير، عن عائشة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تَمُرُّ به الهِرَّةُ فَيُصغِي لها الإِناءَ فتَشْرَبُ، ثم يَتوضَّأُ بفَضْلِها. رواه الدارقطنيُّ في «سننه»، وضَعَّفَ عَبْدَ ربِّه. ويُدفَعُ بأنَّ أَبا يوسف أدرَى به منه ضَرُورةَ عِلمِهِ بحالِ شيخه.

ومنها: ما رواه الدارقطني، وابن ماجه، والطحاوي من حديث حارثة بن محمد، عن عَمْرَة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كنتُ أتوضَّأُ أنا ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في إناءٍ واحدٍ قد أصابَتْ منه الهِرَّةُ قبلَ ذلك.

ومنها: ما رواه أصحاب «السُّنَن الأربعة» والطحاوي عن كَبْشَة بنتِ كعبِ بنِ مالك، وكانت تحت ابنِ أبي قتادة، فدَخَل عليها فسكَبَتْ له وَضُوءاً، فجاءت هِرّةٌ تَشْرَبُ منه، فأَصغَى لها الإِناءَ حتى شَرِبَتْ، قالتُ كَبْشَةُ: فرآني أنظُرُ إليه، فقال: أتَعجبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلتُ: نعم، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليسَتْ بنَجَس، إنَّها من الطَّوَافِين عليكم والطَّوَافات»، قال الترمذي: حديثٌ حسَنٌ صحيح.

ومنها: ما في «صحيح ابن خُزَيمة» عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ليسَتْ بنَجَسٍ، هي كبعضِ أهل البيت»، وفي «سُنَن الدارقطني»: «هي كبعضِ مَتاعِ البيت».

ومنها: ما في «معجم الطبراني»: سُئِلَ أنسُ بن مالك عن الهِرَّة؟ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرضٍ بالمدينة يُقالُ لها: بُطْحان، فقال: «يا أنسُ اسكُبْ لي وَضُوئي»، فسكبتُ له، فلمَّا قَضَى صلى الله عليه وسلم حاجتَه أقبَلَ إلى الإِناء وقد أَتَى هِرٌّ فوَلَغَ في الإِناءِ، فوقَفَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقفةً حتى شَرِبَ الهِرُّ، ثم سألتُه فقال: «يا أنسُ إنَّ الهِرَّ مِنْ متاع البيت، لن يُقذِّرَ شيئاً ولن يُنَجِّسه».

ولهما (٢) ، ما رواه الحاكمُ في «المستدرك» وقال: صحيحُ الإِسناد، والدارقطنيُّ عن عيسى بن المسيّب قال: حدَّثَنا أبو زُرْعَة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم


(١) أي أبو يوسف.
(٢) أي للإمام أبي حنيفة ومحمد القائلين بكراهة سؤر الهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>