للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندهما عقدُ لؤلؤٍ لم يُرصَّع حُلِيٌّ، وبه يُفْتَى.

ومن حَلَفَ لا ينامُ على هذا الفِرَاش، فَنَامَ على قِرَامٍ فوقه، حَنِثَ، لا مَنْ جَعَل فوقه فراشًا آخر، أو حَلَفَ لا يَجلِسُ على الأرض، فجلس على بِساطٍ، أو حصيرٍ.

ولو حالَ بينَه وبينها لباسه حنِثَ، كمن حَلَفَ لا

===

(وعندهما) وكذا عند مالك والشافعي وأحمد (عقدُ لؤلؤٍ) وياقوتٍ، وَزَبَرْجَدٍ، وزُمُردٍ وبَلَخْش (١) (لم يُرصّع) أي لم يركب بذهب وفضة (حُليّ) يحنث بلُبْسه إذا حلف لا يَلبَس حُلياً (وبه يُفْتَى) لأن التَّحلي به على الانفراد معتاد، ولقوله تعالى: {وتَسْتَخْرِجونَ منه حِلْيَةً تلبَسُونَها} (٢) . وإنما يُستخرج من البحر اللؤلؤ. وقال أبو حنيفة: لا يَحنث، لأن العادة لم تَجْرِ بالتحلِّي باللؤلؤ ونحوه إلا مرصَّعاً، والمعتبر في اليمين العُرف لا الحقيقة. ولعل هذا اختلافُ عصر وزمانٍ لا حجةٍ وبرهان، فكان في زمانه لا يُتَحلَّى به إلا مرصعاً، وفي زمانهما تُعورِف التحلي بالسَّاذج (٣) منه كالمُرَصَّع، ولهذا كان المفتى به قولهما.

(ومن حَلَفَ لا ينامُ على هذا الفِرَاش، فَنَامَ على قِرَامٍ) بكسر القاف: سِتْرٌ فيه رقم ونقش (فوقه) أي فوق الفراش (حَنِثَ) لأن القِرام تبعٌ للفِراش، فيُعدّ بنومه عليه نائماً على الفِرَاش (لا) يحنثُ (مَنْ جَعَل فوقه) أي فوق الفراش (فراشاً آخر) لأنه لا يعد نائماً على الفراش الأسفل. وقال أبو يوسف: يحنَث، وبه قال الشافعي، لأنه نائم عليهما حقيقة وعرفاً. وصار كمن حلف لا يكلم فلاناً فسلَّم على جَمْع هو فيهم.

ولنا أنّ مثل الشيء لا يكون تبعاً له، فانقطعت النِّسبة عن الفراش الأول، فكان نائماً على الثاني، وصار كمن فرش ثوباً على فراش حرير، فقعد عليه حيث لا يحرم عليه، ويؤيده أيضاً قوله: (أو حَلَفَ) أي ولا يحنَث مَنْ حلف (لا يَجلِسُ على الأرض فجلس على بِساطٍ أو حصيرٍ) فوقها، لأنه لا يُسمى جالساً على الأرض عادة (ولو حالَ بينه وبينها لباسه حنِثَ) لأن لباسَه تبع له، فلا يعتبر حائلاً (كمن حَلَفَ لا


(١) قال الزَّبِيدي في "تاج العروس" ١٧/ ٧٠: "بَذَخْشَان، ويقال: بَذَخْشُن، وهذه بلدة في أعلى طَخَارسْتَان، والعامة يسمُّونها بَلَخْشَانَ، بينها وبين بلخ ثلاث عشرة مرَحلة … وفي جبالها معادِن البَلَخْشِ واللّازَوَرْدِ.
(٢) سورة فاطر، الآية: (١٢).
(٣) السَّاذج: الخالص غير المشوب وغير المنقوش. المعجم الوسيط ص: (٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>