للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَنِث للعَجْزِ، وإن لم يَعِلم فلا.

ومَدُّ شعرها وخَنْقُها، وعصُّها كضربها. وقُطنٌ مَلَكه بعد: إنْ لبِسْتُ من غَزْلِكِ فهديٌ، فَنَزَلتْه ونُسِجَ ولبِسَ هديٌ. وخاتَمُ ذهب حَلْيٌ لا خاتمُ فضة

===

السماء ممكنٌ، لأن الملائكة يصعدون، وكذا صَعِدَ بعضُ الأنبياء، وكذا يحوّلُ الحجرَ ذهباً بتحويل الله تعالى، وكذا قتل فلان الذي علم بموته بأن يعيد الله تعالى فيه الحياة (وحنث) عَقِيبها إن كانت اليمينُ مطلقةً، وإن كانت مؤقتة فعند مُضيّ ذلك الوقت (للعجز) الثابت عادة، كما إذا مات الحالفُ، وهو وجه في مذهب الشافعي، لأنه مستحيل عادة، فأشبَه المستحيلَ حقيقةً.

(وإن لم يعلم) بموته (فلا) ينعقدُ يمينُه، لأنه حينئذٍ يُراد به قتلُه مع تلك الحياة. ولمّا كان ميتاً كان قتلُه مع تلك الحياة ممتنعاً. وقال زفر: لا ينعقدُ اليمينُ في المسألتين إلحاقاً للمستحيلِ عادةً بالمستحيل حقيقة، للعجز عن تحقيق البرِّ في الصورتين. (ومدُّ شعرها) أي المرأة (وخنْقُها، وعصُّها كضربها) يحنث به إذا حَلَفَ لا يضربُها، لأن الضرْبَ اسم لفعل مؤلم وقد حصل، وبه قال أحمد. وقال الشافعي: لا يحنث. وقال مالك: يحنث به، وبما يؤلم قلبَها: من سبّ أو شتمٍ. وقيل: هذا مقيَّدٌ بحال الغضب، بخلاف حال الملاعبة، لأن ذلك حينئذٍ ممازحة.

(وقُطنٌ) مبتدأ (مَلَكه بعد) قوله: (إنْ لبِسْتُ من غَزْلِكِ فهديٌ) أي فهو صدقة على فقراء مكة (فَغَزَلتْه ونُسِجَ ولبِسَ هديٌ) خبر مبتدأ، وهذا مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وهو قول الشافعي. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يكون هَدْياً إلا إذا غَزَلته من قطن في مِلْكِه يوم الحلف.

(وخاتمَ ذهبٌ حَلْي) بفتح وسكون: ما يُلبس للزينة، وجمعه حُلِيّ بضم فكسر فتشديد ياء. فحنث بلبسه إذا حَلَفَ لا يَلبَسُ حُلِياً، لأنه لا يُستعمل إلا للتزين، ولذا لا يحلُ للرجل، فكان كاملاً في معنى الحُلي، فدخل تحت اسمه (لا خاتَم فضة) أي ليس خاتم الفِضة بِحُلي، لأنه يُستعمل لغير التزيُّن، ولهذا حلّ للرجال، فلم يكن كاملاً في معنى الحُلي، فلم يدخل في مطلق اسمه. وفي «جامع قاضيخان»: قال مشايخنا إذا كان خاتم الفضة مصنوعاً على هيئة خاتم الرجال، بأن لم يكن فيه فص، حتى لو كان فيه فص حنث. انتهى. ولعله مقيدٌ بِفَصَ فيه زينة، وإلا فقد ثبت في شمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خاتَمه له فَصٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>