(إلاّ أنّه) أي البيع بشرط الخيار إذا كان أكثر من ثلاثة أيّام (يَجُوزُ إنْ أَجَازَهَ) من له الخيار (في الثَلَاثَةِ) وقال الشّافعي وزُفَر: لا يجوز، لأنّ البيع انعقد فاسداً لفساد الشرط الثابت فيه، فلا ينقلب صحيحاً بإسقاطه، كما لو باع درهماً بدرهمين، ثم أسقطَ الدّرهم الزائد، وكما لو نكح امرأة وتحته أربعة نسوة، ثم طلّق الرابعة. ولأبي حنيفة: أنه بإجازته في الثَّلاثة أسقطَ المُفسد قبل تقرّره، فصار كما لو باع جذعاً في سقف ثم نزعه وسلّمه. وفي «المحيط»: شرط الخيار أبداً، أو مطلقاً، أو مؤقتاً بوقتٍ مجهولٍ فاسدٌ خلافاً لمالك وأحمد.
(وَكَذَا) يجوز البيع (إنْ شَرَطَ أنَّهُ) أي المشتري (إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلى ثَلَاثَةِ) أيّام (أوْ أكَثْرَ فَلَا بَيْعَ) بينهما. أمّا إلى ثلاثة، فعند علمائنا الثلاثة، وأمّا إلى أكثر من الثلاثة، فعند محمد فقط، لكن إن نقد في الثَّلاثة صحَّ عند الثلاثة. والقياس أن لا يجوزَ البيعُ بهذا الشّرط، وهو قول زُفَر ومالك والشَّافعيّ وأحمد، لأنه بيع شُرِط فيه إقالةٌ فاسدةٌ لتعلّقها بشرطٍ وهو عدم نقد الثمن في ثلاثة أيّام، فلا يجوز كالبيع بشرط إقالة صحيحة بل أوْلى.
ولنا أنّه في معنى خيار الشرط في الحاجة والمقصود، لأنه يتخيرّ في الثلاثة بين الفسخ والإمضاء، وشرط الخيار جُوِّزَ لهذا المقصود. وفي «المُجْتَبَى»: ولو قال بعد البيع: جعلتك بالخيار ثلاثة أيّام، صحَّ بالإجماع. ولو زاد على الثلاثة أو أطلق، فسد البيع عند أبي حنيفة وزُفَر والشَّافعي، كالشرط الفاسد إذا لحق بالبيع الصحيح. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز كما في شرط الخيار.
(وَلَا يَخْرُجُ مَبِيعٌ عَنْ مِلْكِ بَائِعِهِ مَعْ خِيَارِهِ) أي مع أنّ الخيار لبائعه، لأنه باشتراطه الخيار له لم يتمّ رضاه، ولا يخرج المبيع عن ملك مالكه إلا بعد تمام رضاه. ولهذا ينفذ عِتقُ البائع ويملك التصرف فيه دون المشتري، وإن قبضه بإذن البائع.
وفي مذهب الشافعي ثلاثة أوجه: أحدها كمذهبنا، وهو قول مالك. وثانيها: أن المِلك ينتقل بنفس العقد، وهو قول أحمد. وثالثها: أنه موقوفٌ، فإن أمضى البيع تبيّن أن الملك قد انتقل بنفس العقد، وإن فسخ تبيّن أنه لم ينتقل.
فإذا عرفت ذلك (فَهُلْكُهُ) أي فهلاك المبيع (في يَدِ المُشْتَرِي) في مدّة خيار البائع يوجب ضمانَة (بالقِيَمة)، لأنّ البائع ما رَضِيَ بقبضة إلاّ بجهة العقد، والمقبوض