للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ المِلْكِ كَعِتْقِ قَرِيبِهِ وَنَحْوِهِ.

والفَسْخُ لَا يَعْملُ إلّا أنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهُ في المُدَّةِ

===

مالك، ولم يعرف هذا بالشرع.

ولأبي حنيفة أنّ الثمن لم يخرج عن ملك المشتري، لأنّ الخيار يعملُ في حقّ من هو له، فلو دخل المبيع في ملكه لدخل بلا عوضٍ، ولاجتمع في ملكه العوضُ وعِوَضُه (١) ، ولم يعرف هذا في الشّرع. وعُرف فيه الخروج عن ملك شخص لا إلى مالك في صور منها: ما إذا اشترى متولّي أمر الكعبة عبداً لخدمتها، فإنه يخرج عن ملك مالكه ولا يدخل في ملك أحد، ومنها: مال التركة إذا استغرقه الدّين، فإنه يخرج عن ملك الميت ولا يدخل في ملك الورثة، (ولا الغرماء) (٢) ، ومنها الوقف على ما سيجيء إن شاء الله تعالى.

(فَلَا تَثْبُتُ أَحْكَامُ المِلْكِ) للمشتري إذا كان الخيار له عند أبي حنيفة لعدم ملكه (كَعِتْقِ قَرِيبِه) بأن اشترى قريبه بالخيار، فإنه لا يعتِقُ في مدّته عند أبي حنيفة، ويعتق عندهما. (وَنَحْوِه) أي ونحو القريب في العتق بالشِّراء، وهو العبد الذي كان مشتريه بشرط الخيار قال: إن ملكتُ عبداً فهو حرّ، فإنه لا يعتق في مدّة الخيار عند أبي حنيفة، ويعتق عندهما. وإنّما قلنا أن مشتريه قال: إن ملكت، لأنه لو قال: إن اشتريت، يعتق في المدّة باتفاقٍ، أمّا عندهما فلوجود الملك، وأمّا عند أبي حنيفة فلأن المعلّق بالشرط كالمطلق عند وجود ذلك الشرط، وهو لو أطلق العتق بعد شرائه بالخيار، يعتق.

(والفَسْخُ) أي فسخ من له خيار الشّرط بالقول، سواء كان بائعاً أو مشترياً أو أجنبياً، (لَا يَعْملُ) عند أبي حنيفة ومحمد (إلاّ أنْ يَعْلَمَ صَاحِبُهُ) أي صاحب الفاسخ، وهو العاقد الذي لا خيار له (في المُدَّةِ) أي مدة الخيار، سواء كان غائباً أو حاضراً. وقال أبو يوسف: يعمل وإن لم يعلم صاحبه، وهو قول مالك والشَّافعيّ وأحمد، لأن من له الخيار مسلّطٌ على الفسخ من جهةِ مَنْ لا خيار له، فلا يتوقف فسخه على علمه كالإجازة، وصار كالوكيل بالبيع فتصرّف فيما وُكِّلَ، وإن لم يعلم مُوَكِّله.

ولهما (٣) : أنّ من لا خيار له قد يلحقه الضَّرر إذا فَسخ بغير علمه مَنْ لَهُ الخيار، فإنّ الخيار إذا كان للبائع ومضت المدّة يَظنّ المشتري أنّ البيع تمّ بناءً على الظاهر، فيتصرّف في المبيع، ثم يظهر أنه مِلكٌ لغيره، فيلحقه الضمان بالهلاك. وإذا كان


(١) في المطبوعة: ومعوضه.
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) أي لأبي حنيفة ولمحمد القائلين بعدم إعمال الفسخ إلا بعلم صاحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>