للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الإجَازَةِ، وَيَسْقُطُ الخِيَارُ بِمُضِيّ المُدَّةِ.

وَمَا يَدُلَّ عَلَى الرِّضَى: كالْرّكُوبِ، وَالوَطْئِ، وَشِرَاءِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ، أو أحَدِ الثَّلَاثَةِ، عَلَى أنْ يُعَيِّن أحَدًا، صَحّ، لَا فِي الأكْثَرِ

===

للمشتري، فالبائع لا يطلب لسلعته مشترياً بناءً على أن البيع تمّ بِمُضِيّ المدّة، فإذا أخبره المشتري بعد ذلك أنه كان فسخ العقد تضرّر. وقال الكَرْخِيّ: وعلى هذا الخلاف خيار الرؤية، بخلاف خيارُ العيب، فإنه لا يصحّ فسخه بدون علم صاحبه باتفاقٍ.

(بِخِلَافِ الإجَازَةِ) فإنها تعمل وإن لم يعلم صاحب المجيز، لأنه لا ضرر فيها عليه إذ العقد لازمٌ من طرفه. قيّدنا الفسخ بكونه بالقول لأنه لو كان بالفعل بأن أعتق أو وطاء أو باع (١) ، فإنّ العقد ينفسخ وإن لم يعلم صاحبه، لأنّ فسخه حينئذٍ حكمي، وهو لا يشترط فيه العلم كعزل الوكيل. وقَيَّد علم صاحبه بكونه في المدّة، لأنه لو كان بعدها، بأن فسخ حال غيبته، ومضت المدَّة قبل علمه، تمّ العقد.

ثم اعلم أنّه يثبت الخيار لكلّ من العاقد والمشروط له من غير العاقدين (٢) ، فإن أجاز أحدهما البيع وفسخ الآخر، يُعتبر الأسبق منهما، ردّاً كان أو إجازة، لأنّ السابق إن كان ردّاً انفسخ العقد، والمفسوخ لا يُجَاز، وإن كان إجازة انبرم، وبعد انبرامه لا ينفرد أحد العاقدين بفسخه، فإن وُجِدَا معاً، فالفسخ أحقّ على الأصحّ. وقيل: تصرف العاقد أحقّ.

(وَيَسْقُطُ الخِيَارُ بِمُضِيّ المُدَّةِ) لأنه لا يثبت إلاّ فيها، فيكون مقدَّراً بمُضِيها. (وَمَا) أي وبفعل ما (يَدُلَّ عَلَى الرِّضَى كَالْرُّكُوبِ) في الدّابة إذا كان له منه بدٌّ، أما ركوبها لينظر إلى سيرها فلا يُبْطِلُ خياره، لأنه لا بدّ له منه للامتحان. (وَالوَطْاءِ) أي كالوطاء في الأَمةِ، لأنه لا يَحِلّ في غير الملك. (وَشِرَاءِ أَحِد الثَّوْبَيْنِ أو أحَدِ الثَّلَاثَةِ، عَلَى أنْ يُعَيِّنَ) المشتري (أحَداً) أي واحداً، ويشاء في ثلاثة أيّام. (صَحّ) ويسمّى هذا خيار التعيين. وقال زُفَر والشَّافعي رحمهما الله: لا يصحّ.

(لَا فِي الأكْثَرِ) أي لا يصحّ شراء أحدٍ أكثرَ من ثلاثة على أن يعين واحداً، لأنّ الحاجة تندفع بالثلاثة لاشتمالها على الجيّد والرديء والوسط.


(١) هذا إذا كان خيار الشرط للبائع. وأما إذا كان خيار الشرط للمشتري فصورته ما إذا كان الثمن عينًا، فيتصرف فيه المشتري تصرف المُلاك. "رد المحتار على الدر المختار" ٤/ ٥٥.
(٢) وصورته: لو شرط أحد المتعاقدين البائع أو المشتري الخيار لأجنبي، صح وثبت الخيار لهما - أي لأحد العاقدين وللأجنبي - فإن أجاز أحدهما أو نقض صح إن وافقه الآخر. وإن أجاز أحدهما وعكس الآخر، فالأسبق أولى كما يبينه الشارح. ولمزيد من التفصيل انظر "رد المحتار" ٤/ ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>