للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لِمَرَضٍ، أو بَرْدٍ،

===

ونصفُ ذراعِ بذِراع العامَّة، وذلك أربعٌ وعشرون إصبعاً بعدد حروف: لا إله إلا الله محمَّدٌ رسول الله (١) ، فيكون ثُلُثُ الفرسخِ ستَّةَ آلافِ ذراع.

(أَوْ لِمَرَضٍ) يَخاف زِيادتَه، أو شِدَّتَه، أو طُولَه باستعمالِه، كالمحمومِ، وصاحبِ الجُدَري، والحَصْبة، أو بالحرَكةِ إليه كالمبطون ومشتكي العِرْقِ المَدَني (٢) ، أو لا يزدادُ لكن تَشُقُّ عليه الحركة.

وعند الشافعي: لا يَتيمَّمُ إلا إذا خاف تَلفَ نَفْسٍ أو عضوٍ. وهو مردودٌ لإِطلاق قوله تعالى: {وإنْ كنتُم مَرْضى} (٣) . وفي «المحيط»: ولو وجَدَ المريضُ من يُوضِّئه جاز له التيمُّمُ عند أبي حنيفة، وعندهما لا يجوز، ولو كان له خادم أو أجير لا يجوز بالاتفاق. وعلى هذا لو عَجَزَ عن التوجُّهِ إلى القِبلةِ، أو عن التحوُّلِ عن فراشٍ نَجِس ووجَدَ من يُوجِّهه ويُحوِّلُه، بناءً على أنَّ القُدْرَة بالغَيْر لا تُعدُّ قُدْرةً عنده، لأن الإِنسان إنما يُعدُّ قادراً إذا اختَصَّ بحالةٍ تُهيِّاءُ له الفعلَ متى أراد، وهذا لا يتحقَّقُ بقدرةِ غيره، ولهذا قلنا: لو بذَلَ الابنُ لأبيه المالَ والطاعةَ لا يلزمه الحجُّ، وعندهما تَثْبُتُ القُدرةُ له بالغَيْر، لأن آلَتَهُ صارت كآلته بإعانته، واختار حسام الدين قولَهما.

(أو بَرْدٍ) يَخافُ الصَّحيحُ المقيمُ من استعمالِهِ الماءَ الهلاكَ، أو تلَفَ العضوِ، أو المرَضَ. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجوز التيمم للبَرْد إلا في السفر، لأن الغالب في المِصْر وِجْدَانُ الماء الحارّ وإمكانُ الاستدفاء. ولأبي حنيفة: أنَّ عدمهما في المِصْر ليس بنادر، ولو سُلَّمَ، فالنُّدورُ لا يُنافي إباحةَ التيمم، كخوفِ حضور السَّبُع. وفي إطلاق المصنِّف إشارةٌ إلى أنه يجوز للمُحْدِث التيمُّمُ لخوف البَرْد، وهو قول بعض المشايخ، والصحيحُ: أنه لا يجوز له التيمم (٤) .

والأصلُ في ذلك: ما رواه ابن مَرْدُويَهْ عن ابن عباس: أن عَمْرو بن العاص صلَّى بالناس وهو جُنُب، فلما قَدِموا المدينة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله خِفْتُ أن يَقتلني البَرْدُ، وقد قال الله تعالى: {ولا تَقْتُلوا أنفسَكم إنَّ اكان


(١) استعمال هذه الجملة الكريمة للدلالة على العدد ليس فيه تكريم، فالأولى تركه. أفاده الشيخ عبد الفتاح رحمه الله.
(٢) مرَّ شرحه ص ٦٠، التعليقة رقم (٣).
(٣) سورة المائدة، آية: (٦).
(٤) إذا تحقق الضرر في الوضوء جاز له التيمم اتفاقًا؛ لأن الحرج مدفوع بالنص. انظر رد المحتار على الدر المختار ١/ ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>