للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِمُشْتَريهِ خِيَارُهُ عِنْدَهَا إلى أنْ يُوجَدَ مُبْطِلُهُ،

===

زِقَ (١) ، أو بُرّاً في عِدْلٍ (٢) ، أو دَرَّةً (٣) في حُقَّةٍ (٤) ، أو ثوباً في كُمَ واتَّفقا على أنّه موجودٌ في مِلكه ولم يَرَ المشتري شيئاً من ذلك. (وَلِمُشْتَريهِ خِيَارُهُ) أي خيار ما لم يره. وفي نسخة: الخيار. (عِنْدَهَا) أي عند الرُّؤية (إلى أنْ يُوجَدَ مُبْطِلُهُ) أي مبطل خيار الرُّؤية، وهو ما يدلّ على الرِّضا. وقال الشافعيّ: لا يَصِحّ شراء ما لم يره إن لم يكن جنسه معلوماً للمشتري، وإن كان معلوماً يجوز على قوله القديم، ولا يجوز على قوله الجديد. واختار كثيرٌ من الشَّافعية الجواز منهم القَفَّال. وعن مالك الجواز وعدمه. وقال بعض أصحابه: لا يصحّ بلا ذِكْر صفةٍ ولا تقدُّم رؤيةٍ.

لهما في عدم الجواز: نهيُه عليه الصلاة والسلام عن بيع الغَرَر (٥) . والغَرَرُ ما يكون مستورَ العاقبة، وهو موجودٌ فيما لم يره، ونهيُه عليه الصلاة والسلام عن بيع ما ليس عند الإنسان (٦) . والمراد ما ليس بحاضرٍ مَرْئِيَ للمشتري، لإجماعنا على أنّ المشتري إن كان رآه، فالعقد جائز وإن لم يكن حاضراً عند العقد.

ولنا العمومات المجوِّزة للبيع مثل قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (٧) وما رواه ابن أبي شَيْبَة في «مصنفه» والدَّارَقُطْنِيّ والبَيْهَقِيّ في «سُنَنَيْهِما» مرسلاً: حدَّثنا إسماعيل بن (عَيّاش، عن) (٨) أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن مَكْحُول رفعه إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «من اشترى شيئاً لم يره، فله الخيار إذا رآه، إنْ شاء أخذ، وإن شاء ترك». قال الدَّارَقُطْنِيّ: أبو بكر بن أبي مريم ضعيفٌ.

وأُجِيبَ: بأن تضعيف ابن أبي مريم لجهالة عدالته، لا يُنَافي علم غير المضعِّف بها (٩) . وقد رواه أيضاً الحسن البَصْرِيّ، وسَلَمَةُ بن المُحَبَّق عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وروى الدَّارَقُطْنِيّ مسنداً عن دَاهِرِ بن نوحٍ، عن عمر بن إبراهيم بن خالد الكُرْدِيّ، عن وَهْب


(١) الزِّقُّ: وعاء من جلدٍ يجز شعره ولا يُنْتَف للشراب وغيره. المعجم الوسيط. ص ٣٩٦، مادة (زَقْ).
(٢) العِدْلُ: نصف الحِمْل يكون على أحد جنبي البعير. المعجم الوسيط. ص ٥٨٨، مادة (عدل).
(٣) الدَّرة: اللَّبَن. المعجم الوسيط. ص ٢٧٩، مادة (دَرَّ).
(٤) الحُقَّةُ: وعاء صغير ذو غطاء، المعجم الوسيط. ص ١٨٨، مادة (حق).
(٥) مر تخريجه صفحة ٣٠٤، تعليق رقم (٢).
(٦) أخرجه أبو داود في "سننه" ٣/ ٧٦٨ - ٧٦٩، كتاب البيوع والإجارات (٢٢)، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (٦٨)، رقم (٣٥٠٣)، بلفظ: "لا تبع ما ليس عندك".
(٧) سورة البقرة، الآية: (٢٧٥).
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع، وهي موافقة لما في سنن الدَّارقُطني ٣/ ٤، كتاب البيوع. رقم (٥).
(٩) أي إن مَنْ ضعَّفه لجهالة عدالته، لا يعني أن غيره لم يعلم عدالته.

<<  <  ج: ص:  >  >>