للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ رَضِيَ قَبْلَهَا، لا لِبَائِعِهِ.

===

اليَشْكُرِيّ، عن ابن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من اشترى شيئاً لم يره، فهو بالخيار إذا رآه».

قال الكُرْدِيّ: وأخبرني الفُضَيْل بن عِيَاض، عن هِشَام، عن ابن سيرين (١) ، عن أبي هُرَيْرَة عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله. قال عمر وأخَبرني القاسم بن الحكم، عن أبي حنيفة (عن الهَيْثَم) (٢) ، عن ابن سيرين، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم بمثله. لكن قال الدَّارَقُطْنِيّ: وعمر بن إبراهيم هذا يَضَعُ الأحاديث، ولم يروه غيره، أي مسنداً، وإنّما يُعْرَف هذا عن ابن سيرين من قوله. وقال ابن القَطَّانِ في كتابه: والراوي عن الكُرْدِيّ دَاهِر بن نوح، وهو لا يُعْرف، ولعلَّ الجِنَاية منه.

هذا، وتأويل النَّهي عن بيع ما ليس عند الإنسان: بيع ما ليس في ملكه، بدليل قصة الحديث. قال حكِيمُ بن حِزَام: فقلت يا رسول الله يأتيني الرَّجل يطلب مني بيعةً ليست عندي، فأبيعها منه، ثُمَّ أدخل السُّوق فأستجيدها، فأشتري بها، فأسلِّمُها إليه. فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تبع ما ليس عندك» (٣) . والنهي عن بيع الغرر ينصرف إلى ما لا يكون معلوم العين: كالطير في الهواء، والسمك في الماء.

إذا عُرِفَ هذا فيخيّرُ المشتري فقط (وَإِنْ) كان (رَضِيَ قَبْلَهَا) «إنْ» هذه وصلية أي: وللمشتري أنْ يردّ المبيع عند الرُّؤية وإن رَضِيَ قبل الرّؤية، بأنْ قال بعد تمام العقد: رضيت بذلك المبيع على أي وصفٍ كان، لأنّ هذا الخيار تعلّق ثبوته بالرّؤية فكان عدماً قبلها، (فلا يصحّ إسقاطه قبلها) (٤) . ثمَّ لا رواية في الرَّدِّ قبل الرّؤية، واختَلَف فيه المشايخ فقيل: لا يملكه المشتري كالإجازة، وقيل: يملكه، وهو ظاهر مذهب أصحابنا.

(لا لِبَائِعِهِ) أي لا خيار لبائع ما لم يره. وكان أبو حنيفة أولاً يقول: (له الخيار) (٥) قياساً على المشتري، ثمّ رجع إلى أنّه لا خيار له. لِمَا روى الطّحَاوِيّ والبَيْهَقِيّ عن عَلْقَمَة بن أبي وَقَّاص: أنّ طَلْحَةَ اشترى من عثمان مالاً، فقيل لعثمان: إنك قد غُبِنْتَ فقال عثمان: لي الخيار لأني بعت ما لم أره. قال طلحة: لي الخيار لأني اشتريت


(١) في المخطوط: شُبْرُمَة. والمثبت من المطبوع، وهو الصواب لموافقته لِمَا في سنن الدارقُطْنِي، ٣/ ٤ - ٥، كتاب البيوع، رقم (١٠).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من المخطوط، وهي صحيحة لموافقتها لما في سنن الدَّارقُطْنِيّ (الموضع السابق).
(٣) مرّ تخريجه صفحة ٣١٥، تعليق رقم (٥).
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>