للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبَعْدَ كَسْرِ الجَوْزِ رَجَعَ بالنُّقْصَانِ في المُنْتَفَعِ بِهِ، وبِالْكُلِّ في غَيْرِهِ.

وَإذَا ادَّعَى الإبَاقَ أَثْبَتَ بِالبَيِّنَةِ، أوْ نُكُولِ

===

لامتناع الردّ قبله بالاختلاط.

ثم اعلم أنّ الزِّيادة في المبيع على نوعين: متصلة ومنفصلة. والمتّصلة نوعان: متولِّدة كالسِّمَن والجَمَال، وهي لا تمنع الرد بالعيب في ظاهر الرواية، لأن فسخ العقد فيها ممكنٌ، لأنّها تبعٌ محضٌ باعتبار التولّد والاتصال. ومتّصلة غير متولّدة كالصِّبْغ، وهي تمنع الردّ بالعيب اتفاقاً. والمنفصلة نوعان: متولّدة كالولد والثمر، وهي تمنع الردّ بالعيب، إذ لا سبيل إلى فسخها قصداً، لأنّ العقد لم يرد عليها، ولا تبعاً لانقطاع التبعيَّة بالانفصال. وغيرُ متولّدة من المبيع كالكسب، وهي لا تمنع الردّ بالعيب، بل يفسخ العقد في الأَصل ويسلّم الكسب للمشتري لأنه متولد من المنافع، وهي غير مبيعة بحالٍ.

(وَ) إن ظهر عيبٌ قديمٌ (بَعْدَ كَسْرِ الجَوْزِ) ونحوه من اللّوز والفُسْتُقِ والبُنْدُقِ والبَيْضِ (والبِطِّيخ) (١) والقِثَّاء (٢) والخِيارِ (رَجَعَ) المشتري (بالنُّقْصَانِ في المُنْتَفَعِ بِهِ) ولم يردّه إلاّ برضاء البائع، لأنّ الكسر عيبٌ حدث عنده. وقال مالك وأحمد في رواية: لا يردّه، ولا يرجع بالنُّقصان لأنّه ليس من البائع تلبيس، فإنّه لا يعلم ما في باطنه. وأمّا لو ظهر العيب قبل الكسر فلا يرجع بالنُّقصان، لأنّه دليل الرِّضى بالعيب. (و) رجع (بِالْكُلِّ) أي كلّ الثمن (في غَيْرِهِ) أي في غير المنتفع به، كالقرع إذا وجده مُرّاً، لأنه ليس بمالٍ فكان البيع فيه باطلاً. وهذا كلُّه إذا وجد الكلّ فاسداً.

وأمّا إذا وجد البعض فاسداً، فإن كان قليلاً صحّ البيع استحساناً، لأنّ الكثير من الجوز لا يخلو عن قليلٍ فاسدٍ، فصار كالتراب في الحنطة، وفي القياس يفسُد، لأنّ الثمن لم يفصّل. والقليل ما لا يخلو عنه الجوز والبيض عادة كالواحد والاثنين أو الثلاثة في المئة، وإن كان الفاسد كثيراً لا يصحّ في الكلّ ويرجع بكل الثمن عند أبي حنيفة لجمعه في العقد بين ما له قيمة وما لا قيمة له، فصار كالجمع بين حرّ وعبدٍ. وعندهما يصحّ العقد فيما إذا كان صحيحاً. وقيل: يفسُد العقد في الكلّ إجماعاً، لأنّ الثمن لم يفصّل، فيكون بيعاً بالحِصّة ابتداءً.

(وَإذَا ادَّعَى) المشتري (الإبَاقَ)، أو السَّرقة، أو البول في الفراش ممّا لا يعلم إلاّ بالتَّجربة والاختبار، وأنكر البائع أنّ هذا العيب وجد عند المشتري (أَثْبَتَ) المشتري أولاً أنه أَبَقَ عنده حتّى ينتصب البائع خصماً له (بِالبَيِّنَةِ) متعلّق بـ: أثبت (أوْ نُكُولِ


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) القِثَّاء: نوعٌ من البطيخ، نباتي قريب من الخيار لكنه أطول. المعجم الوسيط ص ٧١٥، مادة (أقْئأ).

<<  <  ج: ص:  >  >>