وَلَا ثَمَنَ عَلَى المُشْتَرِي إِذَا ادَّعَى العَيْبَ حَتَّى يَتَبَيَّن عَدَمُهُ. وَمُدَاوَاةُ المَعِيبِ وَرُكُوبُهُ في حَاجَتِهِ يَكُونُ رضًا، لا لِرَدِّهِ، أوْ سَقْيِهِ، أوْ شِرَاءِ عَلَفِهِ! ولا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.
===
البَائِعِ عَنِ الحَلِفِ عَلَى العِلْمِ) أي على أنه ما يعلم أنه أَبَقَ عند المشتري، لأنّ هذا تحليفٌ على فعل غير الحالف وهو العبد، فلا يكون على البتّ. وهذا ـ أعني تحليف المشتري للبائع ـ قول أبي يوسف ومحمد، لأنّ المشتري ادّعى عليه ما لو أقرّ به لزِمه، فإذا أنكر، له أنْ يحلّفه رجاء النكول كما في سائر الدَّعاوى.
واختلف المشايخ على قول أبي حنيفة رحمه الله، فقال بعضهم: يُحَلَّفُ عنده أيضاً. وقال بعضهم: لا يُحَلَّف وهو الصحيح، لأنّ الحَلِف إنما يترتب على دعوى صحيحة. ولا تصِح الدَّعْوَى إلاّ من خصمٍ، ولا يصير المشتري خصماً إلاّ بعد قيام العيب عنده، (ولم يثبت عنده)(١) .
(ثُمَّ بَرْهَنَ) المشتري أيضاً (عَلَى أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ البَائِعِ) لاحتمال أنّه حدث عند المشتري، فلا يستحقّ الرَّدَّ على البائع (أَوْ حَلَّفَهُ) أي المشتري البائع (أنّهُ بَاعَهُ وَسَلَّمَهُ) إليه (وَمَا أَبَقَ قَطُّ أو مَا لَهُ حَقُّ الرَّدِّ بِهَذِهِ الدَّعْوَى) ولا يحلّفه بالله ما أبق عندك قطّ، لاحتمال أنّه أي باعه وقد كان أبق عند غيره، وبه يردُّ المشتري عليه. (وَلَا ثَمَنَ عَلَى المُشْتَرِي) أي لا يُجبر المشتري على دفع الثَّمن (إِذَا ادَّعَى العَيْبَ) لاحتمال أن يكون صادقاً في دعواه، فلو قضى عليه بدفع الثمن ربّما ظهر العيب فاستردّ الثمن من البائع وانتقض القضاء. (حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَدَمُهُ) أي عدم العيب: بأن يحلف البائع أنّ هذا العيب لم يكن فيه.
(وَمُدَاوَاةُ المَعِيبِ وَرُكُوبُهُ) يعني إذا داوى المشتري المَعيب بعد العلم بالعيب أو ركبه (في حَاجَتِهِ)، أو تصرّف فيه بما يدلّ على الرِّضا، كالعرض على البيع، والإجارة، واللُّبس، والسُّكْنَى، والرَّهن، والكِتَابَة، والاستخدام مرّة ثانية (يَكُونُ) ذلك (رضاً) ولا خلاف فيه لأحد. ثمّ عند الشّافعيّ يبطل خيار الرّدّ بتأخيره من غير عذرٍ. وعندنا لا يبطُل ما لم يوجد منه تصرّف يدلّ على استبقاء الملك. (لا لِرَدِّهِ) أي ليس ركوب المشتري المعيب رضاً به إذا كان لردّه على بائعه (أوْ سَقْيِهِ أوْ شِرَاءِ عَلفِهِ) حال كون المشتري (ولا بَدَّ لَهُ مِنْهُ) أي من الرّكوب، إمّا لصعوبة