انقياد المعيب، أو لعجز المشتري عن المشي: بأن كان مريضاً أو شيخاً كبيراً. وهو قيّد في السقي، وفي شراء العلف، لأنّ الرّكوب للردّ لا يكون رضاً كيف كان لكونه سبباً للردّ.
(وَلَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَوَجَدَ بِأحَدِهِمَا عَيْباً رَدّهُ خَاصَةً إنْ قَبَضَهُمَا). وقال زُفَرُ والشّافعيّ في قول: ليس له أن يردّ المعيب وحدَه، لأنّ فيه تفريق الصّفقة، وهو لا يخلو عن تضرّر البائع بردّ المَعيب وحده، لأنّ العادة جرت بضمّ الجيد إلى الرديء. ولنا أنه تفريق بعد تمام الصَّفقة لأنها تمّت بالقبض، لأنّ خيار العيب لا يمنع تمامها فيكون الفسخ بعد القبض في ملك المشتري من كل وجه، فيقتصر الرّدّ على ما فيه علة وهو المعيب.
وإنّما وضع المسألة في عبدين، لكونهما ممّا يُنْتَفَعُ بأحدهما دون الآخر. فلو اشترى شيئين لا ينتفع بأحدهما دون الآخر كنعلين أو خُفَّيْنِ فوجد في أحدهما عيباً بعد قبضهما، فإنّه يردّهما أو يمسكهما باتفاقٍ، لأنهما في الصورة شيآن، وفي المعنى والمنفعة شيءٌ واحدٌ، والمعتبر هو المعنى دون الصورة والمبنى. ولو قال المشتري فيما يمكن إفراد أحدهما بالانتفاع عن الآخر: أَنا أمسك المعيب وآخذ النقصان، ليس له ذلك، لأنّه لمّا رضي بالمعيب فات حقّه في وصف السّلامة، فلم يكن له المطالبة بالنُّقْصان.
(وإلاّ) وإن لم يقبضهما بل قبض أحدهما وظهر أنّ به أو بالآخر عيباً (أَخَذَهُمَا أَوْ رَدَّهُمَا)، وليس له أنْ يأخذ السليم ويردّ المعيب، لأنّ في ذلك تفريقَ الصّفقة قبل تمامها، لأنّ تمامها بقبضهما لكونه مفيداً لملك التّصرف فيهما، ومؤكداً لملك رقبتهما (كَمَا فِي الكَيْلِيّ وَالْوَزْنِيّ) أي كان كما إنّ من شرى ما يكال، أو ما يوزن من نوعٍ واحدٍ، فوجد ببعضه عيباً، فإنّه يردّه كلّه أو يأخذه كلّه، وليس له أنْ يأخذ السليم ويرّد المعيب سواء كان قبل القبض أو بعده.
(وَإنْ قَبَضَ) الكَيْلِيّ أوْ الوَزْنِيّ (وَلَوِ اسْتُحَقَّ البَعْضُ) منه (لَمْ يَرُدَّ البَاقِي) لأنّ الشّركة فيهما ليست بعيب، إذ التَّبعيض فيهما لا يضرّ، والاستحقاق لا يمنع تمام الصَّفقة، لأنّ العقد حقّ العاقد وتمامه برضاه وقد وُجِدَ، لا برضى المالك. قدّم القبض على استحقاق البعض لأنّ البعض لو استحقّ قبل القبض، كان للمشتري أن يردّ الباقي لتفرّق الصّفقة عليه قبل تمامها (بِخِلَافِ الثَّوْبِ) فإنّ مشتريه إذا قبضه واستحقّ منه