للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لِمَا روى مسلم عن زيد بن أبي أُنَيْسَة قال: حدّثنا أبو الوليد المَكِّيّ وهو جالسٌ عند عطاء بن أبي رباحٍ عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُحَاقَلَة، والمُزابَنَةَ، والمُخَابَرَةِ. والمُحَاقَلَةُ: أن يباع الحقل بكيلٍ من الطعام معلومٍ. والحقل: هو الزَّرع إذا تشعَّب قبل أن يغلظ سوقه. والمَزَابنَةُ: أن يباع النخل بأوساقٍ (١) من التمر. والمَخَابَرَةُ: أن يزرع الأرض على الثلث، أو الربع، وأشباه ذلك. قال زيد: قلت لعطاء بن أبي رباح: أسمعت جابر بن عبد الله يذكر هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

وقال الشَّافعيّ: يجوز بيع المَزَابَنَةِ فيما دون خمسة أوسق، لِمَا في الصحيحين عن داود بن الحُصَيْن، عن أبي سفيان، عن أبي هُرَيْرَة: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم رخصّ في بيع العرايا بَخْرصِها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق ـ شكّ داود ـ قال: دون خمسة أو في خمسة. وروى مسلم عن سهل بن أبي حَثْمَةَ (٢) : أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثَّمَرِ بالتَّمْرِ، وقال: «ذلك الرِّبا تلك المُزَابَنَةُ»، إلاَّ أنّه رخَّص في بيع العَريَّةِ: النُخْلة والنَّخلتين يأخذها أهل البيت بِخَرْصِهَا كيلاً. وفي لفظٍ: رخّص في العَرِيَّةِ: أن يؤخذ بمثل خَرْصها تمراً، يأكل أهلها رُطَباً. ورواه الطَّحاويّ أيضاً بطرقٍ مختلفةٍ، وقال: وقد جاءت هذه الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتواترت الرُّخصة في بيع العرايا، فقبلها أهل العلم جميعاً، ولم يختلفوا في صحة مجيئها ولكنهم تنازعوا في تأويلها. انتهى.

والشَّافعي ذهب إلى ظاهره من الاستناد، وعنه في الخمسة أوْسُق قولان: أحدهما الجواز، وهو منقول المُزَنِيّ عنه، وهو الأظهر. والآخر عدمه، وهو مختار المُزَنِيّ ومذهب أحمد، لأنّ النّهي عن المزابنة محقق، والرُّخصة في خمسة أوْسُقٍ مشكوكٌ فيها.

ولنا: قوله صلى الله عليه وسلم: «التَّمْرُ بالتَّمْرِ مِثْلاً بمثلٍ» (٣) ، وما على النَّخل ثَمَرٌ، فلا يجوز بيعه بالتَّمْرِ إلاّ كذلك. وأمّا العَرِيَّةُ التي فيها الرُّخصة فهي العَطِيّةُ دون البيع، وبه قال


(١) الأوساقُ: جمع الوَسقُ: مكيال قدره حِمْلُ بعير، أو ستون صاعًا = ١٦٥ ليترًا. معجم لغة الفقهاء ص ٥٠٢.
(٢) حُرِّفَتْ في المطبوع إلى ختمة، وفي المخطوط إلى خيثمة. والصواب ما أثبتناه لموافقته لما في صحيح مسلم ٣/ ١١٧٠، كتاب البيوع (٢١)، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا (١٤)، رقم (٦٧ - ١٥٤٠).
(٣) أخرجه الترمذي ٣/ ٥٤١، كتاب البيوع (١٢)، باب (٢٣)، رقم (١٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>