للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

حتّى ترجعوا إلى دينكم». وروى أحمد بن حنبل في كتاب «الزّهد» بإسنادٍ ـ قال ابن القَّطان: رجاله ثقات ـ عن ابن عمر قال: أتى علينا زمانٌ وما يرى أحدنا أنّه أحق بالدّينار والدرهم من أخيه المسلم، ثم أصبح الدينار والدرهم أحبَّ إلى أحدنا من أخيه المسلم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا ضنّ النّاس أي بخلوا بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعِينَة، واتّبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله أدخل الله، عليهم ذُلاً لا يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم».

وَالعِينة بالكسر: بيع السلعة بثمن مؤجّلٍ ثم شراؤها بأنقص منه حالاً، ولأن الثّمن لا يدخل في ضمان البائع قبل قبضه، فإذا عاد إليه المبيع بالصّفة التي خرج بها عن ملكه فصار بعض الثمن قصاصاً ببعضه وبَقِيَ فضلٌ بلا عوضٍ، فكان ذلك ربح ما لم يضمن، وهو حرام بالنّص.

قيّد الشراء بكونه بأقلّ مما باع، لأنه لو كان بمثله أو أكثر منه جاز، لأنّ الفضل في الأكثر يحصل للمشتري والمبيع داخل في ضمانه. وقيّد بكونه قبل نقد الثَّمن، لأنه لو كان بعده جاز. وقيَّدنا بكون الشراء من المشتري منه أو من وارثه، لأنّ المشتري لو باعه من رجلٍ أو وهبه لرجلٍ أو أوصى به لرجلٍ، ثم اشتراه البائع الأول من ذلك الرّجل جاز، لأن اختلاف سبب الملك كاختلاف العين. وقيّدنا بكون المبيع لم ينقص، لأنّه لو تعيّب في يد المشتري، فباعه من البائع بأقل من الثمن جاز، لأنّ ما نقص من الثمن بمقابلة العيب الحادث، فكان البائع مشترياً ما باع بمثل الثمن الأول معنًى.

وقيّدنا النقصان بكونه في الذَّات، لأنّه لو كان في القيمة: بأن تغيّر سعره لم يجز شراؤه بأقل ممّا باع، لأنّ تغيّر السعر غير معتبرٍ في حقّ الأحكام كما في حقّ الغاصب. وقيّدنا باتحاد الثمنين جنساً، لأنّه لو اشتراه بجنسٍ آخر غير جنس الثمن الأوّل جاز وإن كان الثّمن الثاني أقلّ، لأن الرّبح لا يظهر عند اختلاف الجنس، والدّينارُ جنس الدّرهم هنا وفي الشُفْعَةِ خلافاً لزُفَر.

وشراء من لا تصحُّ شهادته للبائع وهو ولده ووالده وزوجته ومُكَاتَبُه فهو كشراء البائع بنفسه. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز غير العبد والمُكَاتَب لتباين الأملاك، بخلاف العبد، لأنّ كسبه لمالكه، وبخلاف المُكَاتَب لأن للسيد في

<<  <  ج: ص:  >  >>