للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بين الوالدة وولدها، وبين الأخ وأخيه. وروى ابن ماجه والترمذي ـ وقال: حديثٌ حسنٌ غريبٌ ـ، عن عليّ ابن أبي طالب، قال: وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين، فبعت أحدهما، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عليّ ما فعل غلاماك؟». فأخبرته، فقال: «ردّه ردّه». وفي «سنن الدَّارَقُطْنِي» «والمستدرك» عن عليّ قال: قَدِمَ على النبيّ صلى الله عليه وسلم سَبْيٌ، فأمرني ببيع أخويْن فبعتهما وفرّقت بينهما، ثم أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «أدركهما فارتجعهما وبعهما جميعاً، ولا تفرّق بينهما». قال الحاكم: صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرّجاه. ولأنّ الصغير يَستأنس بالصغير وبالكبير، والكبير يُشفق على الصغير ويقوم بحوائجه للشفقة الثابتة من قرب القرابة، ففي التفريق بينهما إيحاش الصغير وترك الترحّم عليه، وهو منهيٌّ عنه.

ثم المنع من التّفريق معللٌ بالصّغر والقرابة المُحَرِّمَة للنِّكاح، فلا يدخل فيه الكبيران، لأنّ كل واحدٍ منهما يقوم بحوائجه ولا يستأنس بالآخَر عادةً، بل ربّما يتأذّى به. ولأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم فرّق بين مارية وسيرين، وكانتا أمَتَيْنِ أختيْن كبيرتيْن. وسيرين بالسين المهملة على ما ذكره ابن الهُمَام. ولا مَحْرَمٌ غيرُ قريبٍ كامرأة الأب، ولا قريبٌ غيرُ مَحْرَمٍ كابن العمّ، ولا الزوجان وإن كانا صغيرين لعدم هذه القرابة. ولو اجتمع مع الصغير عددٌ من أقاربه، لا يُفَرَّقُ بينه وبين أحدٍ سواء اختلفت جهة القرابة كالعمّ والخال، أو اتّحدت كخالين عند أبي يوسف، لأنه يَسْتَوحِشُ بفراق الكلّ. وقيل: لو اتّحدت الجهة يُتْرَكُ واحدٌ ويُفَرِّقُ بينه وبين الباقي إن شاء. أمّا لو اجتمع مع أبويه، فلا يفرّق بينه وبين واحدٍ منهما، لأنه لا يُسْتَغْنَى بأحدهما عن الآخر.

وفي «شرح الوافي»: مَسْبِيَّةٌ معها صبيّ ادّعت أنه ابنها، لا يثبت نسبه منها لأنها تحمل النَّسب على الغير، ولا يُفَرَّقُ لأنّ قول الواحد مقبولٌ في الديانات خصوصاً فيما يُبْنىَ على الاحتياط.

وإذا وقع تفريق بين صغيرٍ وذي رَحمٍ مَحْرَمٍ منه ببيع، نفذ في الكلِّ عند أبي حنيفة ومحمد، وهو قول للشافعيّ. وعن أبي يوسف: لا يجوز في قرابة الولاد لقوتها، ويجوز في قرابة غيرها لضعفها، وهو الأصحّ في مذهب الشّافعيّ. وقال مالك: لا يجوز في الأمّ فقط، وعن أبي يوسف أيضاً، وهو قول أحمد: لا يجوز في الكلّ، لأنّ الأمر بالردّ في الحديث السابق لا يكون إلاّ في البيع الفاسد، وهو قول الحسن بن زياد. وذكر الطَّحَاويّ قول محمد مع أبي يوسف. وذكره الكَرْخِيّ مع أبي حنيفة رحمه الله.

ولأبي حنيفة رحمه الله: أنّ ركن البيع صَدَر من أهله مضافاً إلى محله فينفذ،

<<  <  ج: ص:  >  >>