للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإنْ عَدِمَا حَلَّا. وإنْ وُجِدَ أحَدُهُمَا حَرُمَ النَّسَاءُ فَقَطْ.

وَلَا يَجُوزُ الكَيْلِيُّ بِمْثِلهِ إلّا مُتَسَاويًا كَيْلًا، وَالوَزْنِيُّ إلَّا مُتَسَاويَا وَزْنًا.

===

الحديدِ بمثله متفاضلاً لوجود الوزن مع الجنس (فإنْ عَدِمَا) أي فُقِد الوصفان (حَلاَّ) أي الفضل والنَّسَاءِ لعدم علّة حرمتهما مع أنّ الأصل الإباحة.

(وإنْ وُجدَ أحَدُهُمَا) أي أحد الوصفين بأن وُجِدَ القَدْر دون الجنس كالحِنْطة بالشعير، أو الجنس دون القَدْر كثوبٍ هَرَوِيّ (١) بجنسه، وحيوانٍ بجنسه، (حَرُمَ النَّسَاءُ فَقَطْ) أي دون الفضل. فحرمة ربا الفضل بالوصفين، وحرمة ربا النَّسَاءِ بأحدهما. وقال مالك: لا يجوز بيع حيوانٍ باثنين من جنسه يُقْصَدُ بهما أمرٌ واحدٌ من ذبحٍ وغيره. وقال الشّافعيّ: ما عدا الذّهبَ والفضّةَ والمأكولَ والمشروبَ لا يَحْرُمُ فيه شيء من جهة الرِّبا. ولنا: ما روى أحمد في «مسنده» عن جابر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «في الحيوان اثنان بواحدٍ لا بأس به يداً بيدٍ، ولا يصْلُحُ نَسَاء». وفي رواية: «لا خَيْرَ فيه نَسَاء».

(وَلَا يَجُوزُ) بيع (الكَيْلِيّ بِمْثِلِهِ إلاّ مُتَسَاوياً كَيْلاً) وإن تعارفوا فيه الوزن، (وَ) لا (الوَزْنِيّ) بمثله (إلاّ متساوياً وَزْناً) وإن تعارفوا فيه الكيل، وهذا عند أبي حنيفة ومحمد، لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عُبَادة: «مِثْلاً بمثلٍ، سواءً بسواءٍ». ووجه الدّلالة: أنه صلى الله عليه وسلم شرط في جواز بيع المَكِيل بجنسه، والموزون بجنسه المساواة بما اعتبر فيه من القدر، وحصول المساواة بغير ذلك لا تعرف بها المساواة في ذلك، فلا يجوز، كما لو باع مجازفةً. ويكفي التَّعيين في بيع المال الرِّبَوي بمثله، ولا يُشْتَرَطُ التَّقابض قبل التَّفرق عندنا، وشرَطه مالك والشافعيّ كالصَّرْف لِمَا روينا من قوله: «يداً بيد». والمراد به القبض، وإنما كنّى عنه بها لأنها آلته. ولأنّه المراد في النقدين، فكذا في غيرهما. ولأنّه إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض، وللنقد مَزِيّة على غيره، فتتحقق شبهة الرِّبا، وهي مانعةٌ كالحقيقة، كما في الحالّ والمؤجَّل.

ولنا أنّه باع عيناً بعينٍ فلا يُشْتَرَطُ فيهما التّقابض، كما لو باع ثوباً بثوبٍ أو بثوبين وافترقا لا عن قبض. وهذا لأنّ المطلوب من العقد التّمكن من التصرّف، وذا يترتّب على التّعيين. غير أنه (٢) في النقود لا يتحقّق إلا بالتقابض. فاشتراطه (٣) في الصَّرْف للتعيين لا لنفسه، وغير النقود يتعيّن بالتعيين، فلا حاجة إلى التَّقابض. والمراد من قوله صلى الله عليه وسلم: «يداً بيدٍ»، عيناً بعين، إذ اليد آلة التّعيين فلم يكن حَمْلُه على القبض


(١) سبق شرحها ص (٣٥٦)، التعليقة رقم: (٣).
(٢) أي التمكن من التصرّف.
(٣) أي التقابض.

<<  <  ج: ص:  >  >>