للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالجَيِّدُ والرَّدِيءُ سَوَاءٌ.

وَجَازَ بَيْعُ حَفْنَةٍ بِحَفْنَتَيِنْ، وَفَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ بأَعْيَانِهِمَا.

===

أولى، بل حمله على هذا أحقّ، لِمَا في رواية عُبَادة بن الصَّامت «عيناً بعينٍ». وتَعَاقُب القبض لا يعتبر (تفاوتاً) (١) في المالية عُرْفاً بخلاف الحالّ والمؤجَّل، لكن ما في «الصحيحين» عن عمر رَضِيَ اللَّه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الذَّهبُ بالوَرِقِ رباً إلاّ هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رباً إلاّ هاءَ وهاءَ … » الحديثَ، يُرَجَّح حَمْله على القبض؟ كيف ومعنى هاءَ: خُذْ، وهو من أسماء الأفعال، ومنه قوله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَؤُا كِتَابِيَه} (٢) ، كذا حققّه بعض المتأخرين.

(وَالجَيِّدُ والرَّدِيءُ سَوَاءٌ) لإطلاق الحديث، ولحديث: «جيدها ورديئها سواءٌ» (٣) ، لأنّ الجودة لا يجوز الاعتياض عنها لأنّ بيع قَفيزِ حِنْطةٍ جيدةٍ بقَفيزِ حنطةٍ رديئةٍ ودرهمٍ لا يجوز بالإجماع. وما لا يجوز الاعتياض عنه بالبيع، لا يكونُ مالاً متقوّماً كالخمر.

(وَجَازَ بَيْعُ حَفْنَةٍ) من كيليّ (بِحَفْنَتَيْنِ) وتفاحةٍ بتفاحتين، وبيضةٍ ببيضتين، وجَوزةٍ بجوزتين، وتمرةٍ بتمرتين، لانعدام علة الرِّبَا بانعدام جزئها وهو القَدْر، إذ المراد بالمماثلة القدر بالنّص، ولا تقدير في الشَّرع بحفنة ولا حفنتين. ولذا يُضمن الحَفنة والحفنتان بالقيمة عندنا، كما لو باع ما دون نصف صاعٍ بما دون نصف صاعٍ جاز، لأنّه لا تقدير في الشّرع بما دون نصف الصَّاع. بخلاف ما دون نصف صاعٍ بنصف صاعٍ أو أكثر، فإنّه لا يجوز إلاّ مثلاً بمثلٍ لوجود القدر من أحد الجانبين، لوقوع التقدير بنصف الصاع في الشرع، كما في صدقة الفطر. وعند مالك والشّافعيّ وأحمد: لا يجوز ذلك إلاّ في روايةٍ عن مالك، ورواية عن أحمد، وروى المُعَلَّى عن محمد أنّه كَرِه التَّمرة بالتَّمرتين، وقال: كلُّ شيءٍ حَرُمَ في الكثير، فالقليلِ منه حرام. وإلى هذه الرواية مال بعض المحققّين.

(وَ) جاز (فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ بأَعْيَانِهِمَا) أي الفَلْسُ والفَلْسَيْن بأنْ كان كلٌّ من الفَلْسِ


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٢) سورة الحاقة، الآية: (١٩).
(٣) قال الزيلعي في "نصب الراية" ٤/ ٣٧ قلت: غريب - ويقصد بغريب أنه لم يجده - ويؤخذ معناه من إطلاق حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم: "الذهب بالذهب، الفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، والآخذ والمعطي فيه سواء".

<<  <  ج: ص:  >  >>