للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالَّلحْمُ بِالحَيَوَانِ وَالدَّقيقُ بِجِنْسِهِ كَيْلًا،

===

والفَلْسِيْنِ معّيناً، وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وبه قال مالك والشّافعيّ في الأصحّ. وعند محمد وأحمد: لا يجوز، كبيع درهمٍ بدرهمين. قيّد بأعيانهما، لأنهما لو كانا أو أحدهما بغير عينه لم يجز بالاتفاق. أمّا إن كانا بغير أعيانهما فلأنه بيع الكالاء بالكالاء، أعني النسيئة بالنسيئة، وهو منهيٌ عنه، وأمّا إن كان أحدهما بغير عينه فلأنّ الجنس بانفراده يُحَرِّمُ النَّسَاء.

(وَ) جَازَ (اللحْمُ بِالحَيَوَانِ) من غير جنسه، ومن جنسه أيضاً عند أبي حنيفة وأبي يوسف والمُزَنِيّ من أصحاب الشّافعيّ. وقال محمد: لا يجوز إذا كان من جنسه إلاّ إذا كان اللحمُ أكثرَ ممّا في الحيوان، ليكون اللّحمُ مُقَابَلاً باللحم والزائدُ مُقَابَلاً بالسَّقَطِ (١) ، لأنّه لو لم يكن كذلك لتحقّق الرِّبا من حيث زيادةُ السَّقَطِ، أو من حيث زيادةُ اللّحم، وصار كَبَيْع دُهن السِّمْسم بالسِّمْسم، فإنه لا يجوز إلاّ بطريق الاعتبار.

وقال مالك والشافعي (وأحمد) (٢) : لا يجوز بجنسه أصلاً، لا بطريق الاعتبار ولا بغيره، ومذهب مالك وأَحمد أَنّه يجوز بغير جنسه، والأَصحّ في مذهب الشَّافعيّ أنه لا يجوز بغير جنسه، لعموم النهي فيما روى مالك في «الموطأ»، وأبو داود في «المراسيل» عن سعيد بن المُسَيَّب: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع اللَّحم بالحيوان، وهو مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: «إذا اختلفت الأنواع، فبيعوا كيف شئتم» (٣) دليل مالك وأحمد.

ولأبي حنيفة أنّه بيع موزونٍ بغير موزون فيصحّ كيفما كان، كما لو باع الثوب بالقطن، وهذا لأنّ الحيوان ليس بموزونٍ بل هو عدديٌّ متفاوتٌ. والمراد بالنهي في حديث ابن المُسَيَّب ما إذا كان أحدُهما نسيئةً، لِمَا في «السنن الأربعة» عن سَمُرَة بن جُنْدُب: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً. قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. وأخرج عن الحَجَّاج بن أَرْطَاة، عن أبي الزُبَيْر، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحيوان اثنين بواحد لا يصحّ نَسَاءً ولا بأس به يداً بيدٍ». وقال: حديثٌ حسن.

(وَ) جاز (الدَّقيقُ بِجِنْسِهِ) والنُّخَالة بجنسها (كَيْلاً) ونصّ الشّافعيّ في القديم


(١) السَّقَطُ: أحشاء الذبيحة كالكَرِش والمصران، المعجم الوسيط. ص ٤٣٦، مادة (سقط).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوط.
(٣) سبق تخريجه من عند الشارح ص (٣٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>