للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالعِنَبُ بِالزَّبِيبِ، وَالبُرُّ رَطْبًا أوْ مَبْلُولًا بِمِثْلِهِ أوْ باليَابِسِ المُنْقَعِ، وَالتَّمْرُ والزَّبِيبُ المنْقَعُ بالمُنْقَعِ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا. وَلَحْمُ حَيَوَانٍ بِلَحْمِ حَيَوَانٍ آخَرَ مُتَفَاضِلًا. وَكَذَا اللّبَنُ،

===

داود» عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن عبد الله بن يزيد: أنّ أبا عَيّاش أخبره أنه سمع سعد بن أبي وَقّاص يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرُّطب بالتّمر نسيئةً. وكذا رواه الطّحاوي. وإذا صحّت الزِّيادة يجب قَبولها على المختار عند المحدثين، وإن كان الأكثر لم يروها لكن قد ردّ ترديده بين كونه تمراً أو لا، بأنّ ههنا قسماً ثالثاً، وهو كونه من الجنس، ولا يجوز بيعه بالآخر، كالحِنْطَةِ المَقْلِيّة بغير المَقْلِيّة لعدم تسوية الكيل بينهما، فكذا الرُّطب بالتَّمر لا يسوِّيهما الكيل، وإنما يسوّى في حال اعتدال البدلين وهو أن يَجِفَّ.

وأبو حنيفة يمنعه ويعتبر التّساوي حال العقد، وعروض النَّقص بعد ذلك لا يمنع. لكن فيه أنّ التعليل في مَعْرِض النّص غير مقبول. وأمّا ما ذكره الشارح بأنّ التفاوت بين الرُّطَب والتَّمر بأصل الخلقة فيكون ساقط الاعتبار، كالتفاوت بين الجيد والرديء، ففي غاية من السقوط.

(وَ) جاز (العِنَبُ بِالزَّبِيبِ) عند أبي حنيفة خلافاً لمَن تقدّم، والوجه ما بيّنَّاه في الرُّطب والتّمر من الجانبين. وقيل: لا يجوز اتفاقاً كالحِنْطَة المَقْلِيّة بغير المَقْلِيّة.

(وَ) جاز (البُرُّ) حال كونه (رَطْباً) أي غير يابسٍ، (أوْ) حال كونه (مَبْلُولاً بِمِثْلِهِ أوْ باليَابِسِ المُنْقَعِ) فيجوز البُرّ الرَّطْب بمثله وباليابس، والبُرُّ المبلول بمثله وباليابس. (وَ) جاز (التَّمْرُ) المُنْقَعُ (والزَّبِيبُ المنْقَعُ) اسم مفعول من أنقعه في الخابية إذا ألقاه فيها ليبتلّ ويخرج منه الحلاوة، واسم الشراب: نقيعٌ (بالمُنْقَعِ مِنْهُمَا) أي بمثله وباليابس «فمن» هنا بمعنى الباء، أي جاز بيع التّمر المُنْقَعِ بمثله وباليابس، والزبيب المُنْقَعِ بمثله وباليابس (مُتَسَاوِياً) وهذا عند أبي حنيفة وأبي يوسف، لأنّهما يعتبران التَّساوي في الحال، إذ التّساوي شرط صحة العقد، فيشترط عند العقد لا بعده، إلاّ أنّ أبا يوسف ترك هذا الأصل في بيع الرُّطَبِ بالتمر لحديث سعد، ففي الباقي على أصله. وقال محمد: لا يجوز بشيء من ذلك، لأنه يَعتبرُ المماثلة في أعدل الأحوال، وهو حال اليُبْس، ولم يوجد في هذه الصُّورة.

(وَ) جاز (لَحْمُ حَيَوَانٍ بِلِحْمِ حَيَوَانٍ آخَرَ) ولو غير جنسه (مُتَفَاضِلاً وَكَذَا اللّبَنُ) أي جاز لبن حيوان بلبن حيوانٍ آخر من غير جنسه متفاضلاً. وعن الشافعيّ: إن اللّحمين واللَّبَنَيْنِ جنسٌ واحدٌ لاتحاد المقصود منهما، وهو التغذّي والتَّقوِّي. وظاهر مذهبه وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>