للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بنيَّةِ أداء الصلاة.

ويصحُّ قبل الوقْتِ والطَّلَبِ من الرَّفيقِ

===

إلا إذا عَجَزَ عن التراب للضرورة. ولو تيمَّمَ مِنْ الطِّين جاز عند أبي حنيفة وهو الصحيح، لأنَّ الواجب عنده وضْعُ اليد على الأرض لا استعمالُ جزءٍ منها، والطينُ من جنس الأرض، إلا إذا صار مغلوباً بالماء فلا يجوز التيمم به.

(بنيَّةِ أداء الصلاة) وكذا بنيَّةِ استباحتِها، أو الطهارةِ، أو عبادةٍ مقصودةٍ لا تصح إلا بالطهارة، كسجود التلاوة وصلاة الجنازة. وقال زُفَر: لا تُشترطُ النيَّةُ في التيمم كما لا تُشترطُ في الوضوء والغُسل. وأُجيبَ بأنَّ التيمم لمَّا كان معناه اللغويُّ القصدَ، فاعتُبِرَ في مقتضاه الشرعي، وأيضاً الماءُ مطهِّرٌ بطبعه فلا يَحتاج إلى قصده، والترابُ مغبِّرٌ بوضعه فاحتِيجَ إلى قَصْدِه، لا سيما عند فَقْد أصله.

ولو تيمَّمَ لقراءة القرآن لا تجوز به الصلاة هو الصحيح، وكذا لو تيمَّمَ لدخولِ المسجد أو مسِّ المصحف ثم صلَّى الفريضةَ لا يجوز عند عامَّة العلماء. قال أبو بكر الرازي: ويَحتاج إلى نيَّة التيمم للحدثِ أو الجنابة، لأنَّ التيمم لهما بصفةٍ واحدة، فلا يتميز أحدُهما عن الآخر إلا بالنية. وقيل: لا يجبُ وهو الصحيح، لأن الحاجة إلى النية لتحصيل الطهارة، وعن محمد في الجنب إذا تيمَّمَ يُريدُ به الوضوءَ أجزأه عن الجنابة.

(ويصحُّ) أي التيمُّمُ (قبل الوَقْت) أي وقتِ الصلاة.

وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يصحُّ لأنه طهارةٌ لضرورةِ صحة الصلاة، كطهارة المُستَحَاضة.

ولنا إطلاقُ النصوص في حقّ الوقت، والمطلَقُ يَبقى على إطلاقه، منها: قولُه تعالى: {فلم تجدوا ماءً فتيَمَّموا صعيداً طيِّباً} (١) وقولُه صلى الله عليه وسلم «التُّرابُ طَهُورُ المسلم»، وفي رواية «السُّنَنِ»: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضوءُ المسلم ولو إلى عَشْرِ حِجَج ما لم يجد الماء» (٢) ، وقولُه في «الصحيحين»: «وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجداً وطَهُوراً»، ولأنه خَلَفٌ عن الوضوءِ والغُسل، وهما مِنْ شروط الصلاة، والأصل في الشرط جوازُ تقدُّمِه على الوقت، وكذا خَلَفُهُ الذي بمنزلة فَرْعه.

(والطَّلَبِ من الرفيق) أي ويَصِحُّ التيمُّمُ أيضاً قبل طَلَبهِ الماءَ من رفيقه الذي


(١) سورة المائدة، آية: (٦).
(٢) تقدم تخريجه ص ١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>