للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَصِحُّ في السَّمَكِ المَلِيحِ لَا في الحَيَوَانِ

===

ويُضْمَنُ بالمثل كالجوز والبيض، لأنّهما معلوما القَدْرِ بالعدد، والتّفاوت بين آحادهما بالصغر والكبر ساقط الاعتبار فيما بين النّاس. قيّد بالمتقارب لأنّ المتفاوت كالبطيخ والرمان والسَّفَرْجَل لا يصحّ فيه السلم عدداً لتفاوت آحاده في القيمة (فَيَصِحُّ) السَّلم (في السَّمَكِ) أي في الصِّغار واخْتُلِفَ في الكبار (المَلِيحِ) أي الذي قُدِّدَ (١) ومُلِّحَ، وإنَّما يصحّ السَّلم فيه بالوزن لا بالعدد، لتفاوت آحاده بالكبر والصغر. قيّد بالمليح لأنّ الطّري لا يصحّ السّلم فيه في غير حينه، لأنّه منقطعٌ من أيدي النّاس حتى لو كان في حينه جاز السَّلم فيه. وقيل: لا فرق بين الطَّريّ والمَلِيح. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: لا يصح فيهما.

(لَا في الحَيَوَانِ) أي لا يصح السّلم في الحيوان، وهو قول الثَّوْرِيّ والأَوْزَاعِيّ، وقال الشّافعيّ وأحمد: يصحّ، وهو قول مالك إلاّ في الخَلِفاتِ ـ وهي: الحوامل من النُّوق ـ فإنّها مجهولةٌ لِمَا روى أبو داود في («سننه»، وأحمد بن حنبل) (٢) في «مسنده»، والبزَّار في «مسنده»، والحاكم في «مستدركه»، وقال: صحيحٌ على شرط مسلم ـ عن عبد الله بن عمرو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أنْ يجهّز جيشاً فَنَفِدَتْ الإبل. فأمره أن يأخذ من قلائص (٣) الصّدقة، فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة.

و «من» ههنا بمعنى «على» كما في روايةٍ، نحو قوله تعالى: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القَوْمِ الّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا} (٤) ، ولأنّه مبيعٌ معلوم الصّفة، فيجوز السَّلم فيه، كالثياب؛ واعْتُرِضَ بما رواه ابن حِبّان في «صحيحه»، وعبد الرّزّاق في «مصنفه» من حديث ابن عبّاس، وأصحاب السنن الأربعة من حديث سَمُرَة بن جُنْدُب: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً. وأُجيبِ بأنّه محمولٌ على أن يكون النَّسَاء في الحيوان من الطرفين.

وأمّا ما في «آثار الطَّحاويّ» بسنده إلى أبي رافعٍ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بَكْراً (٥) ، فقدِمَتْ عليه إبلٌ من إبل الصّدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرّجل بَكْره، فرجع إليه أبو رافعٍ فقال: لم أجد فيها إلاّ جَمَلاً خِيَاراً


(١) قَدَّدَ اللَّحم: قطعه طولًا وملَّحة وجفَّفه في الهواء والشمس. المعجم الوسيط. ص ٧١٨، مادة (قد).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٣) القلائص: جمع القَلُوص وهي من الإبل: الفتية المجتمعة الخَلْق، وذلك من حين تُركب إلى التاسعة من عمرها. المعجم الوسيط. ص ٧٥٥، مادة (قلص).
(٤) سورة الأنبياء، الآية: (٧٧).
(٥) البَكْرُ: الفتي من الإبل. النهاية ١/ ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>