للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

رَباعِياً (١) فقال: «أعطه إيّاه إن خيار الناس أحسنهم قضاءً». فمحمولٌ على القرض.

ولنا: ما أخرجه الحاكم في «مستدركه» ـ وقال: صحيح الإسناد ـ والدَّارَقُطْنِيّ في «سننه» عن عِكْرِمة، عن ابن عبّاس أنّ النّبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّلف في الحيوان. وما رواه محمد في «الآثار» عن أبي حنيفة رحمه الله، عن حَمّاد بن أبي سُلَيْمَان، عن إبراهيم النَّخَعِيّ قال: دفع عبد الله بن مسعود إلى زيد بن خُوَيلدة البَكْرِيّ (٢) مالاً مضاربةً، فأسلم زيد إلى عِتْرِيس (٣) بن عُرْقُوب الشَّيْبَانِيّ في قلائص، فلمّا حلّت أخذ بعضاً وبقي بعض. فأعسر، عِتْرِيس وبلغه أنّ المال لعبد الله، فأتاه يسترفقه، (فقال عبد الله: اَفَعَلَ زيد؟ قال: نعم) (٤) ، فأرسل عبد الله إلى زيد وقال: اردُدْ ما أخذت وخذ رأس مالك، ولا تُسْلِمَنّ مالنَا في شيءٍ من الحيوان.

ولأن الحيوان يتفاوت آحاده تفاوتاً فاحشاً. فإنّك ترى عبدين أو أمَتَيْنِ متفقين في الأوصاف المشروطة، ومع ذلك، باختلاف الصَّباحة، والملاحة، والفصاحة، والكِيَاسة، وحسن السيرة، والصورة، يساوي أحدهما ألفاً والآخر ألوفاً. قال (الشاعر):

*أَلاَّ رُبَّ فَرْدٍ يَعْدِلُ الألْفَ زَائِداً ** وأَلْفٍ تَرَاهُمْ لا يُسَاوُونَ وَاحِداً

فلا يجوز السَّلم فيه كالجواهر، بخلاف الثياب، فإنها بصنع العبد، وهي إنّما تُصْنَع بآلةٍ، فإذا اتّحدت الآلة والصانع لم يبق إلاّ التفاوت اليسير، وهو لا يضر. وحديث عبد الله بن عمرو السّابق، قال ابن القطّان في كتابه: إنّه ضعيفٌ مضطربُ الإسناد. وبيَّنه، فلا يُحتجّ به.

ولا يصحّ السَّلم في اللّحم عند أبي حنيفة، ولو منزوعَ العظم، على الأصحّ في الروايتين عنه. ويصحّ عندهما كمالك والشَّافعيّ مطلقاً، إِنْ بيّن جنسه ونوعه، وسِنَّه، وصفته، وموضعه، وقدره، كشاةٍ خَصِي ثَنِيّ (٥) سمينٍ من الجنب، كذا رطلٍ بكذا، يصحّ. كما يصحّ في الأَلْية، والشَّحم، والسَّمك وزناً، وبه يُفْتَى.


(١) رَباعِيًا: يقال للذَّكر من الإبل إذا طلعت رَباعيته رَباعٌ، وذلك إذا دخل في السنة السابعة، النهاية ٢/ ١٨٨.
(٢) في المخطوط والمطبوع: زيد بن خويلد البكري. والصواب ما أثبتناه من "الآثار" لمحمد بن الحسن ص ٣٤٣، باب السلم في الحيوان. حديث رقم (٧٤٤). ويقال له: زيد بن خليدة. كما قال ابن حبان في "الثقات". وقال ابن حجر في "الإيثار بمعرفة رواة الآثار": ولعل البكري تصحيف من اليشكري، واليشكري هو الصواب. انتهى. ص ٤٥ من نسخة بخط المؤلف ابن حجر رحمه الله.
(٣) حُرِّف في المخطوط والمطبوع إلى "عريس"، وكتب في هامش المخطوط: "عريش". كلاهما خطأ، صوابه. ما أثبتناه من "الآثار" الموضع السابق. و "الإصابة" ٥/ ١٠٤، القسم الثالث، وقال فيه ابن حجر. لا يصح له صحبة.
(٤) ما بين الحاصرتين من "الآثار" (الموضع السابق).
(٥) الثَّنيّ: كل ما سقطت ثنِيَّتُه. والثَّنِيَّةُ: إحدى الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت. المعجم الوسيط. ص ١٠٢ مادة (ثنى).

<<  <  ج: ص:  >  >>