للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِلَا أَجَلٍ فِيمَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بيعٌ، فَيُجْبَرُ الصَانِعُ عَلَى العَمَلِ وَلَا يَرْجِعُ الآمِرُ. والمَبِيعُ هُوَ العَيْنُ لا عَمَلهُ، فَلَوْ جَاءَ بِمَا صَنَعَهُ غَيْرُهُ، أوْ هُوَ قَبْلَ العَقْدِ، فأخَذهُ صَحَّ، ولا يَتَعَيَّن لَهُ بِلَا اخْتِيَارِهِ، فَصَحَّ بَيْعُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الآمِرِ.

مَسَائِلُ شَتَّى

وَصَحَّ بَيْعُ الكَلْبِ والسِّباع، عُلِّمَتْ أوْ لَا.

===

تجتمع أمتي على ضلالة» (١) .

(وَ) الاستصناع (بِلَا أَجَلٍ فِيمَا يَتَعَامَلُ) النّاس (فِيهِ بيعٌ) لا عِدَةٌ. وكان الحاكم الشهيد يقول: الاستصناع مواعدة، وإنّما ينعقد بالتّعاطي إذا جاء به الصانع مفروغاً منه، ولهذا ثبت الخيار لكل منهما. والصحيح عند الجمهور أنه بيعٌ، لأنّ محمداً سمَّاه شراءً، وذكر فيه القياس والاستحسان، وفصّل بين ما فيه تعامل وبين ما لا تعامل فيه. والمواعدة تجوز قياساً واستحساناً في الكلّ. قيل: وحكم الحاكم أحكم، والله سبحانه وتعالى أعلم.

لكن الصحيح أنه بيعٌ (فَيُجْبَرُ الصَانِعُ عَلَى العَمَلِ) ولو كان مواعدة لما أجبر (وَلَا يَرْجِعُ الآمِرُ) عنه، ولو كان مواعدة لكان له الرّجوع.

(والمَبِيعُ) في الاستصناع هو (العَيْنُ لا عَمَلهُ) أي عمل الصانع. وقال أبو سعيد الَبرْدَعِي: عمله، نظراً إلى أن الاستصناع مشتقٌ من الصنع وهو العمل. وقد أشار المصنف إلى ما يدلّ من الفروع على أنّ المبيع في الاستصناع العينُ بقوله:

(فَلَوْ جَاءَ بِمَا صَنَعَهُ غَيْرُهُ) قبل العقد أو بعده، (أوْ) بما صنعه (هُوَ قَبْلَ العَقْدِ) الظرف متعلقٌ بـ: «صَنَعَهُ» المقدّر (فَأَخَذَ) (٢) الآمر العين (صَحَّ) ولو كان المعقود عليه عمله لم يصحّ وبقوله: (ولا يَتَعَيَّنُ لَهُ) أي للآمر (بِلَا اخْتِيَارِهِ) إذ الذي يدخله خيارُ الرُّؤية بيعُ العين لا بيع العمل (فَصَحَّ) للصانع (بَيْعُهُ قَبْلَ رُؤْيَةِ الآمِرِ) أي المستصنع لعدم تعيّنه حينئذٍ، لأن تعيّنه باختيار الآمر، واختيار الآمر بعد رؤيته. ولا يثبت للمستصنع خيار الرّؤية إذا جاء به الصانع على الصفة المشروطة عند أبي حنيفة خلافاً لهما.

مَسَائِلُ شَتَّى

(وَصَحَّ بَيْعُ الكَلْبِ) ولو كان عَقوراً (٣) (والسِّباعِ عُلِّمَتْ أوْ لَا) وشرط (شمس) (٤)


(١) أخرجه الترمذي في سننه ٤/ ٤٠٥، كتاب الفتن (٣١)، باب ما جاء في لزوم الجماعة (٧)، رقم (٢١٦٧).
(٢) في المطبوع: فأخذه. كما أثبتناه في المتن أعلى الصحيفة، وأثبتنا لفظ "أخذ"، من المخطوط ليتناسب مع الشرح. فاقتضى التنبيه.
(٣) الكلب العَقُور: المتوحش الجارح. معجم لغة الفقهاء. ص ٣١٨.
(٤) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>