(في مَجْلِسِ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ) ليعلم بذلك عدم إعراضه عنه، وهذا عند أبي حنيفة إذا أخبره رجلان، أو رجل وامرأتان، أو عدل. وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إذا أخبره واحدٌ، حراً كان أو عبداً، وصبياً كان أو امرأةً. وهي نظير اختلافهم في عزل الوكيل. وقوله: في مجلس علمه بالبيع رواية هشام عن محمّد أنّه يشترط الطلب في مجلس العلم، إن طلب فيه صحّ، وإن قام عنه قَبْلَه بطلت، وبه أخذ الكَرْخِيّ. وفي ظاهر الرواية: كما علم بالبيع من غير مهلة، واختارها العامة، سواء كان عنده أحد أو لم يكن، لقوله عليه الصلاة والسلام «الشُّفعة كحلّ العِقَال». رواه ابن ماجه في «سننه» عن ابن عمر.
(وَهُوَ) أي طلب الشفيع في مجلس علمه (طَلَبُ مُوَاثَبَةٍ) سُمِّي به للدلالة على غاية التعجيل، حتّى كأنّ الشفيع ليثب ويطلب. روى عبد الرَّزَّاق في «مصنفه» عن شُرَيْح أنّه قال: إنما الشّفعة لمن واثبها.
(ثُمَّ يُشْهِدُ) الشفيع (عَلَى طَلَبِهِ).
قال قاضيخان: إذا صدر منه طلب المواثبة يحتاج إلى طلب الإشهاد. (وإنما سُمّى الثاني طلب الإشهاد)(١) لأنّ الإشهاد شرط، بل ليمكنه إثبات الطلب عند إنكار الخصم. وكيفية هذا الطلب: أنْ ينهض من مجلس علمه، ويُشْهِدَ على طلبه، (عِنْدَ العَقَارِ) لتعلّق الحق به. (أوْ) عند (ذِي يَدٍ مِنْ بَائِعٍ) بأن كان لم يسلّم العقار إلى المشتري، لأن له حينئذٍ يداً فكان خصماً. (أوْ) عند (المُشْتَرِي) ولم يكن ذا يد، لأنّ الملك له. ويقول الشفيع: إنّ فلاناً اشترى هذه الدار وأَنا شفيعُها وكنت طلبت الشفعة، وأَنا الآن أطلبها فاشهدوا على ذلك.
(فَإنْ أخَّرَ) الشفيع (أحَدَهُمَا) أي أحد هذين الطلبين (بَطَلَتْ) الشفعة. أمّا الطلب الأوّل فلأن مجرد السكوت فيه ساعةً دليل الإعراض، ودليلُ الشيء كصريحه. وأمّا الطلب الثّاني فلأن مدتَه مقدرةٌ بالتمكن منه نفياً للضرر عن المشتري.
(ثُمَّ يَطْلُبُ) الشفيع (عِنْدَ القَاضِي) ويسمّى طلب الخصومة، وبتأخيره لا يبطل طلب الشُّفعة عند أبي حنيفة رحمه الله، وهو رواية عن أبي يوسف رحمه الله. وفي «الهداية»، «والكافي»: وعليه الفتوى. (وَبَتأْخِيرِه شَهْراً) من غير عذر مرضٍ أو حبسٍ. وفي نسخة: وتأخيره شهراً (تَبْطُلُ عِنْدَ مُحَمّدٍ) وهو قول زُفَر، واختيار الكَرْخِي (وَبِهِ) أي بقول محمد