لأنّ ما يأخذه الشريك مِثْل حقّه صورةً ومعنى، فأمكن أن يُجْعَل عين حقّه كما في القرض وقضاء الدين.
(و) غلب فيها (المُبَادَلِةُ في غِيْرِ المِثْلِيّ) وهو الثياب، والحيوان، والعَقَار لوجود التّفاوت بين أبعاضها، فلا يمكن أن يُجْعَلَ كأنّه أخذ عين حقّه (فَيَأْخُذُ كُلٌّ) من الشّركاء (حِصَّتَهُ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ) يعني شريكه. وفي بعض النسخ: بغيبة الآخر (ثَمَّةَ) أي في المثلي، وهو بفتح المثلثة: اسم إشارة للمكان. ولو كانت القسمة فيه مبادلة لم يؤخذ لعدم العلم برضا صاحبه، لأنّ رضا العاقدين شرطٌ للمبادلة، (لَا هُنَا) أي لا يأخذ أحدٌ من الشّركاء في غير المثليّ حصته بغيبة صاحبه. ولو كانت القسمة فيه إفرازاً لكان له ذلك.
(وَنُدِبَ نَصْبُ قَاسِم) بين النّاس (يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ المَالِ لِيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ بِلَا أجْرٍ) لأنّ منفعتها تعود إلى العامة، فيكون كفايته من بيت المال، كنفقة القضاة والمقاتلة والمُفْتِينَ (وَإنْ نُصِبَ) قاسمٌ (بِأَجْرٍ) على المتقاسمين (صَحَّ) لأنّ النفع لهم، والأول أوفق للناس (١) وأبعد عن التهمة، (وَهُوَ) أي الأجر إذا نُصِّبَ قاسمٌ بأجر (عَدَدُ الرَّؤُوسِ) عند أبي حنيفة رحمه الله، وعلى قدر الأنصباء عند أبي يوسف ومحمد والشّافعيّ رحمهم الله، وهو رواية أبي حنيفة رحمه الله، لأنه مُؤْنَةٌ للملك فيقدر بِقَدْره كأجرة الكيّال، والوزّان، وحفر البئر المشتركة، ونفقة المملوك المشترك. وهذا لأنّ منفعة نصيب صاحب الكثير أكثر من منفعة صاحب القليل، والغُرْم بالغُنْم.
ولأبي حنيفة رحمه الله: أَنْ الأجر مقابل للتميز، وأَنّه لا يتفاوت. وربّما يصعب الحساب بالنظر إلى القليل وقد ينعكس الأمر، فيتَعذَّرُ اعتبارُهُ فيتعلّق الحكم بأصل التميز. وأجرة حفر البئر بمقابلة نقل التراب ونفقة المملوك لابقاء الملك، وحاجة صاحب الكثير إلى ذلك أكثر من حاجة صاحب القليل. وأمّا أجرة الكيّال، والوزّان، فقال بعض المشايخ: هو على الخلاف إن كان الكيل والوزن للقسمة، لأنّ الكيّال والوزّان بمنزلة القاسم، وإن لم تكن لها بأن اشتريا مكيلاً، أو موزوناً مجازفةً أثلاثاً، أو أرباعاً، وأمرا إنساناً بكيله ليصير الكلّ معلوم القدر، فالأجر بقدر الأنصباء، لأنّ