للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيجِبُ كَوْنُهُ عَدْلًا، عَالِمًا بِهَا، وَلَا يُعَيَّنُ واحدٌ، وَلَا يَشْتَرِكُ القُسَّامُ.

وَقُسِمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ، وَبِطَلَبِ ذِي الكَثِيرِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ الآخَرُ لِقِلَّةِ حِصَّتِهِ.

وَلَا يُقْسَمُ إلّا بِطَلَبِهِمْ إنْ تَضَرَّرَ كُلٌّ لِلْقِلَّة،

===

الأجر في الكيل والوزن للعمل وهو لصاحب الكثير أكثر.

(وَيجِبُ كَوْنُهُ) أي القاسم (عَدْلاً) ديِّناً أميناً (عَالِماً بِهَا) أي بالقسمة، لأنّه يعتمد على قوله، وذا بالعدالة والأمانة، ولا بدّ من قدرته على القسمة وهي بالعلم بها.

(وَلَا يُعَيَّنُ) قاسمٌ (واحدٌ) إذا كان الأجر على المتقاسمين، لأنّه يتحكّم بالزّيادة على أجر مثله فيتضرّر به النّاس. (وَلَا يَشْتَرِكُ القُسَّامُ) لئلا يتواضعوا على مغالاة الأجر فيحصل الإضرار بالنّاس، بخلاف ما إذا (لم) (١) يشتركوا، فإنْ كل قاسم يسارع حينئذٍ إلى الأجر اليسير حذراً من الفوت فيرخص الأجر.

(وَقُسِمَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمْ) جبراً على الآبي (إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ) منهم (بِحِصَّتِهِ) لأنّ في القسمة تكميلَ المنفعة فكانت حقاً لازماً فيما يقبلها بعد طلب أحدهم. (وَ) قسم (بِطَلَبِ ذِي الكَثِيرِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَنْتَفِعْ الآخَرُ) أي ذو القليل (لِقِلَّةِ حِصَّتِهِ) كذا ذكر الخَصَّاف. ووجهه: أَنْ صاحب الكثير مُنْتَفِعٌ بنصيبه فاعْتُبر طلبه، وصاحب القليل غير مَنْتَفِعٍ بنصيبه فلم يُعْتَبَرُ طلبه.

وتوضيحه أن الأوّل يطلب من القاضي أن يخصّه بالانتفاع بملكه، ويمنع غيره من الانتفاع بملكه، وهذا طلب انصاف لا تعنت، فعلى القاضي أن يجيبه إلى ذلك. ولا يُعْتَبر تضرّر الآخَر، لأنه يريد أنْ ينتفع بملك شريكه، وله أنْ يمنع غيره من الانتفاع بملكه. وأما الثّاني فمتعنتٌ في طلب القسمة، والقاضي يجيب المتعنت بالرَّدّ. وتَعَذُّر الانتفاع بنصيبه لِقِلته لا لمعنى من جانب صاحب الكثير. ثمّ العكس والإطلاق روايتان، والأصح الأول كما في «المبسوط» وغيره.

(وَلَا يُقْسَمُ) المشترك فيه بين المشتركين (٢) (إلاّ بِطَلَبِهِمْ) كلِّهم (إنْ تَضَرَّرَ كُلٌّ) أي كل واحدٍ منهم (لِلّقِلَّة) أي لقلة حصته، لأنّ الجبر على القسمة لتكميل المنفعة، وفي هذه القسمة تفويتها. وإنما جازت بطلبهم لأنّ الحق لهم وهم أعرف لشأنهم.

وفي «شرح الكَنْزِ»: لكن القاضي لا يباشر ذلك وإن طلبوا منه، لأنّ القاضي لا يشتغل بما لا فائدة فيه، ولا سيما إذا كان فيه ضرر أو إضاعة مالٍ، لأنّ ذلك حرامٌ،


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المطبوع.
(٢) في المطبوع: الشريكين. والمثبت من المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>