للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ذكَرَه في رَحْله لا يُعِيدُ الصلاةَ.

===

فإنه لا يجزيه التكفيرُ بالصوم. وفي «الخلاصة»: وتفسيرُ الغَبْن الفاحش: لو كان قيمةُ الماء درهماً وهو لا يبيعه إلا بدرهمين. وهذا كلُّه إن فَضَل عن نفقته.

(وإِذا ذَكَرَه) أي تذكَّر الماء (في رحله) أي منزلِه بعدما صلَّى متيمماً وكان بمحلٍ يُنْسَى فيه عادةً، فسواءٌ ذكره في الوقت أو بعده (لا يُعيد الصلاة) إذا وضَعَه بنفسه أو وُضِعَ بعلمه عند أبي حنيفة ومحمد خلافاً لأبي يوسف، وكذا عند مالك والشافعي، وأمَّا إذا وُضِعَ بغير علمه فبالاتفاق. وقيَّدْنا بالنسيان لأنه لو ظَنَّ أنَّ ماءه قد فَنِي فتيمَّمَ وصلَّى ثم تبيَّنَ أنه لم يَفْنَ أعاد الصلاة بالاتفاق، لأنه أخطأ في ظنّه وأمكنه تحقيقُه بالطلب والتفحُّص. وقيَّدنا الماءَ بكونه في محلٍ يُنسَى فيه عادةً لأنه لو لم يكن كذلك بأن كان في مُقدَّم الرَّحْل وهو راكب، أو في مُؤخَّره على الظهر وهو سابقٌ يُعيد بالاتفاق.

ثم التيمُّمُ مع وجود نبيذ التمر (١) متعيِّنٌ عند أبي حنيفة في الأصح، وقد أفتى أبو يوسف به، وفي رواية عن أبي حنيفة تعيَّن الوضوءُ به لِمَا روى الطحاوي: أنَّ ابن مسعود كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنّ وأنه صلى الله عليه وسلم احتاج إلى ما يتَوضَّأ به ولم يكن معه إلا النَّبِيذُ فقال صلى الله عليه وسلم «تَمْرةٌ طيِّبةٌ وماءٌ طهور فتوضَّأ به». لكن رُوي أنَّ ابن مسعود أنكر كونَه مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنّ، ويؤيِّدُه (٢) ما صحَّ في أبي داود والترمذي عن عبد الله ابن مسعود … الحديث (٣) إلا أنه قيل: هو منسوخٌ بآية التيمم، لأنَّ تلك القضية مكيَّة والآية مدنيَّة. وروي عن محمد عن أبي حنيفة: الجمعُ بينهما احتياطاً.

ولو كان أكثَرُ بَدَنِه صحيحاً وأقلُّه جريحاً ثم أَجنب أو أحدث غَسَل الصحيحَ ومسَحَ الجريحَ إن لم يَضرَّه، وعلى الخِرقة إن ضرَّه وتيمَّمَ لو كان عَكَسَه لقوله صلى الله عليه وسلم في المجدور: «كان يَكفيه التيمُّم» (٤) . ولأن أحداً لم يقل بغَسْل ما بين كل جُدَرَتَيْنِ،


(١) النبيذ الذي تكلموا فيه: أن يلقى في الماء تُمَيرات حتى يأخذ الماء حلاوته، ولا يشتدّ ولا يصير مسكرًا، فأما إذا صار مسكرًا فلا يجوز التوضؤ به؛ لأنَّه حرام عند عامة العلماء. أفاده الشيخ عبد الفتاح أبو غُدة رحمه الله تعالى نقلًا عن "شرح الجامع الصغير".
(٢) عبارة المخطوطة: "ويرده".
(٣) وهو: عن علقمة قال: قلت لعبد الله بن مسعود: من كان منكم مع رسول الله ليلة الجن؟ فقال: ما كان معه منا أحد. سنن أبي داود ١/ ٦٧، كتاب الطهارة (١)، باب الوضوء بالنبيذ (٤٢)، رقم (٨٥). وسنن الترمذي ٥/ ٣٥٦، كتاب التفسير (٤٤)، سورة الأحقاف (٤٦)، باب (١)، رقم (٣٢٥٨).
(٤) سنن أبي داود ١/ ٢٣٩ - ٢٤٠، كتاب الطهارة (١)، باب في المجروح - وفي رواية: المجدور - يتيمم (١٢٥)، رقم (٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>